نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 191
أنانية الإنسان المعتدة بنفسها
والمتباهية بما لديها من علم، والتي لا تصغي إلى الوحي السماوي. أما تلك الغيلان
والوحوش الكاسرة فهي حوادث العالم العجيبة وموجوداته) [1]
وعلى هذا، فلا الزمان الماضي مقبرة
كبيرة واسعة للأموات يسودها الصمت الرهيب، بل تاريخ مفعم بالحيوية والعبادة ونور
الإيمان، ولا الموت عدم وفناء، بل بداية لحياة جديدة وعالم آخر، ولا تحمل تغيرات
الطبيعة وثوراتها المدمرة الدمار والخراب للبشرية، بل أدوات طيعة بيد القدرة
الإلهية يسوقها لحكم ومقاصد خيرة[2] .
قال: أجل.. فأنانية الإنسان وكبره
وغروره وحبه المبالغ فيه لنفسه، هي التي تصور له الأشياء على غير حقيقتها.
قلت: لقد ذكر ذلك بديع الزمان، فقال: (فالإنسان
الذي يعتمد على أنانيته وغروره ويقع في شراك ظلمات الغفلة ويبتلى بأغلال الضلالة
القاتلة، فإنه يشبه حالتي الأولى في تلك الواقعة الخيالية ـ حيث يرى الزمن الماضي
ـ بنور ذلك المصباح الناقص الذي هو معرفة ناقصة منحرفة للضلالة، كمقبرة عظيمة من
ظلمات العدم، ويصور الزمن من المستقبل موحشاً تعيث فيه الدواهي والخطوب محيلاً
إياه إلى الصدفة العمياء كما يصور جميع الحوادث والموجودات التي كل منها موظفة
مسخرة من لدن رب رحيم حكيم، كأنها وحوش كاسرة وفواتك ضارية)[3]
ما إن قلت هذا حتى فتح الباب، فرأيت ما
ملأني تعجبا واستغرابا.. لقد رأيت بشرا كثيرين، وعندهم أشياء كثيرة في منتهى
الجمال.. وكان يمكنهم أن يسعدوا بها.. لكنهم لا يعرفون كيف يتناولونها، ولا أين
يضعونها..