responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 198

أما لماذا صرنا نشعر بأن كل المطر شر، وأن الحروب والمعارك تسود العالم، وبأن البراكين تنفجر يوميًا مسببة مئات الآلاف من القتلى، فذلك لأننا نسمع أخبار هذه الاستثناءات ونهتم لها، حتى أمسينا نعتقد أنها الأصل: فنحن لا نسمع في الأخبار ـ مثلًا ـ عن هطول الأمطار بسلام في بلد كذا، وأنها سقت الناس، بعد ظمأ، وروت الزرع، بعد جفاء، وصار الناس يهللون من الفرحة، ولا نسمع في الأخبار عن الدولة كذا، التي تنعم بالسلام، ويسودها الأمن والأمان، ولا نسمع عن البركان الذي انفجر في المحيط، ولم يؤذ أحدًا! نحن لا نسمع عن هذا أبدًا، بل نسمع عن الآلام والمصائب فقط؛ حتى ثبت في عقولنا أن الكوارث والحروب تعمّ الأرض.

ولذلك فإن الشر محدود جدا مقارنة بالخير.. ومن يعترض على أسباب الشر، كمن يعترض على خلق الماء؛ اعتراضًا على الفيضانات.. أو كمن يعترض على خلق المعادن المخصّبة للتربة، والحرارة اللازمة لحياة الإنسان؛ إعتراضًا على ثوران البراكين.

فالشر، ليس مطلقًا.. بل هو شرٌ نسبي.. وليس حقيقيًا، فما يكون شرًا لشخص ما، قد يكون خيرًا لآخر.. بالإضافة إلى أن الشر يعد استثناء، والخير هو القاعدة، فإذا قلنا إن سُم الحية والعقرب شر، فهذا ليس وصفًا واقعيًا، بل هو وصفٌ انتزاعيّ، فبالقياس إليَّ أنا الذي أتأذي وأتضرر وأفقد حياتي الثمينة؛ جراء لدغة الحية أو العقرب، هذا يعد شرًا، لكن بالنسبة إليها ـ الحية ـ هل سُمها شر؟ بالعكس، فهو يعد من لوازم وجودها وبقائها، فلولا هذا السم لهلكت الحية.. إذن السم موجود والحية موجودة، وصف واقعيّ، أما السم شر، والحية شر، فوصف انتزاعي قياسي.

وهكذا إذا رأينا كائنات حية تموت مثل الجراثيم والحشرات، ثم نقول: هذا شر، وهذا يعد شرًا بالفعل؛ إذا ما نظرنا له وحده.. أما إذا نظرنا إلى المنظومة ككل ـ إلى الكون ككل، سيتضح لنا أنه عين الخير، فهذه الكائنات لو عاشت لغطت سطح الأرض بكثرتها، أو

نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 198
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست