نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 209
باسكال[1]]،
فقد كان أعقل مني حين استعمل الاحتياط في رهانه المشهور الذي عبر عنه بعضهم، فقال:
(قال الملحد للمؤمن: ما موقفك اذا مت ولم تجد الله! فرد المؤمن: لن يكون اسوأ من
موقفك اذا مت ووجدت النار!)[2]
أذكر أن مثل هذا الرهان خطر على بالي قبل
أن أضع رهاني.. وكاد يؤثر في.. وكاد يدعوني إلى تعديل حدتي وموقفي من الدين، ومن
الله.. بل كاد يدعوني إلى الرحلة للبحث عن الإله الحقيقي، والدين الحقيقي.. لكن كبريائي
وتجبري وأحقادي الدين منعاني من ذلك.
لقد قلت حينها: إنني بين أربع احتمالات
لا خامس لها.. أما أولها، فهو أنني إن آمنت بالله، وكان الله موجوداً، فسيكون جزائي
الخلود في الجنة، وهذا ربح لامحدود، ولا ينبغي أن أرغب عنه.. وأما الثاني، فهو
أنني إن لم أؤمن بالله، وكان الله موجوداً، فسيكون جزائي ـ كما يذكر الكتاب المقدس
ـ الخلود في جهنم، وهذه خسارة لامحدودة.. وأما الثالث، فهو أنني إن آمنت بالله
وكان الله غير موجود، فلن أجزى على ذلك، وهذه خسارة محدودة يمكنني تحملها، لأنها
لن تضرني شيئا.. وأما الرابع، فهو أنني إن لم أؤمن بالله وكان الله غير موجود، فلن
أعاقب لكني سأكون قد عشت حياتي متحررا من شيء غير موجود، وهذا ربح
[1]
بليز باسكال (19 يونيو 1623، 19 أغسطس 1662)، فيزيائي ورياضي وفيلسوف فرنسي اشتهر
بتجاربه على السوائل في مجال الفيزياء، وبأعماله الخاصة بنظرية الاحتمالات في
الرياضيات هو من اخترع الآلة الحاسبة. استطاع باسكال أن يسهم في إيجاد أسلوب جديد
في النثر الفرنسي بمجموعته الرسائل الريفية..
[2]
رهان باسكال لا يعني الإيمان الحقيقي، ولكنه نافع للمتحيرين كمقدمة للبحث العقلي،
وكمخلص للدوافع النفسية التي تدعو للإلحاد، وقد ذكر بعض المتحيرين كيف استفاد منه
للوصول إلى الإيمان الحقيقي، فذر أنه كان في مرحلة من مراحل حياته مؤمنا بوجود
الله، لا عن اقتناع عقلي ولكن لأن الإيمان ـ في نظره ـ مناسب له، وملائم للطمأنينة
التي يرجو تحقيقها في حياته، ويفتقر إليها الملحد في معيشته المضطربة المتحيرة..
وقد عبر عن هذا بقوله: أنا مؤمن لأن الإيمان يلائمني! ثم ما زال الرجل مستمرا في
رحلته الإيمانية، متنقلا من الإشارات الوجدانية إلى البراهين العقلية، حتى تحول
إلى الإيمان الحقيقي.
نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 209