نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 224
قرأته عليكم للرد عليها.. مع أنه لا دليل
لي إلا هواي المجرد.
لكنه أجابني بكل أدب، وقال[1]:
اعلم يا أخي أن الخالق الرحيم والرزاق الكريم والصانع
الحكيم الذي أبدع هذا الكون جميعا، جعل هذه الدنيا على صورة عيد بهيج، واحتفال
مهيب، وزينها بالآثار البديعة لأسمائه الحسنى،
وخلع على كل روح صغيرا كان أم كبيرا،
عاليا كان أم سافلا،
جسدا على قدره،
وجهزه بالحواس والمشاعر، وكل ما يوافقه للاستفادة من
النعم المتنوعة التي لا تعد ولا تحصى، والمبثوثة
في ذلك العيد البهيج.
لكن بعد انتهاء الاستعراض الرباني لكل
طائفة من الطوائف، وبعد استحصال النتائج المقصودة من ذلك
العرض،
يتفضل الفاطر الرحيم والصانع الكريم على كل طائفة من
الطوائف، فيمنحهم رغبة في الراحة واشتياقا إليها، وميلا الى الانتقال الى عالم آخر.
وحينما يرخصون من تكاليف الحياة ويسرحون
من وظائفها،
ينبه سبحانه في أرواحهم رغبة قوية وحنينا إلى موطنهم
الأصلي..
ولذلك فإن المؤمن لا ينظر إلى الموت باعتباره
إعداما، بل يعتبره تبديل مكان.. والقبر عنده ليس فوهة بئر عميق، بل باب لعوالم نورانية.. والدنيا مع جميع مباهجها في حكم سجن ضيق بالنسبة لسعة الآخرة وجمالها.. ولذلك، فإنه يشعر أن الخروج من سجن الدنيا والنجاة من ضيقها إلى بستان
الجنان الأخروية، والانتقال من منغصات الحياة المادية
المزعجة الى عالم الراحة والطمأنينة، والانسلاخ من ضجيج
المخلوقات وصخبها الى الحضرة الربانية الهادئة المطمئنة الراضية، سياحة بل سعادة مطلوبة بألف فداء وفداء.
قلت: ألا ترى أنك تكذب على نفسك بذلك؟
قال: ومن قال لك إنك تصدق معها.. ألا
يمكن أن يكون الحق معي.. أم أن الحق
[1] اقتبسنا هنا بتصرف كبيرا نصا من
الكلمة السابعة عشرة من كليات رسائل النور للنورسي.
نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 224