نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 223
وأن أيامه معدودة في الدنيا.. لكني مع
ذلك وجدته بحالة مختلفة عن حالتي التي كنت أحاول سترها.
اقتربت منه، وقلت له: ألا يمكنك أن
تخبرني عن حالتك النفسية في هذه اللحظات.. فأنا أريد أن أكتب مقالا في الموضوع..
ولعله آخر مقال أكتبه في حياتي.
قال، والابتسامة على وجهه: هذا يسرني
كثيرا.. نعم أنا حزين.. لأن كل إنسان فطر على حب الحياة الدنيا.. ولكني مع ذلك
سعيد..
قاطعته، وقلت: ألأنك ستذهب للعدم؟
ضحك، وقال: وهل في العدم سعادة.. وهل
هناك من يسعد لأنه سيعدم؟
قلت: فإلي أين ستذهب؟ أليس إلى القبر؟
قال: ذلك جسدي.. وهو من التراب.. ولابد
أن يعود إلى التراب.. أما أنا فشيء آخر.. أنا أكثر قداسة وسموا ورفعة.. أنا كائن
سماوي هبط إلى الأرض ليؤدي وظائفه.. وأظن أنني سأسرح وأحال إلى التقاعد عن قريب..
وأظن أن الله قد وفقني فعملت الكثير من الأشياء الطيبة.. ولذلك فأنا بمقدار حزني
سعيد لأني سألاقي ذلك الجميل الذي عشت حياتي كلها في صحبته.
قلت: هذه فلسفة المجانين؟
قال: بل هذه فلسفة العقلاء والأنبياء
والأولياء.. فمن خلق هذا الكون جميعا، بهذا الإبداع لا يمكن أن يكون قد خلقه
عبثا.. العبثية شأن المهرجين لا شأن الحكماء.. والله أحكم الحكماء.
قلت: هلا وضحت لي ما تقصد.
قلت هذا وأنا أنوي أن أقارن بين فلسفته
للحياة والموت وفلسفتي.. وللأسف فإني لم أتلق كلماته بقلبي، ولا بعقلي، وإنما
تلقيتها لأسخر منها، وأهزأ بها، وأكتب مقالي الذي
نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 223