نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 222
ونحن أحياء، إذ أن الآخرين يضفون معنى
لحياتنا من خلال إتاحة الفرصة لنا كي نحبهم.. أما عند موتنا، فإن المعنى الذي
نقدمه لهم يكمن في الاستمرار في أن نكون موضع محبتهم.. إن الوعي بالموت يسلط الضوء
على مثل هذه المشاعر الخالدة ويبين لنا ما يتوجب علينا تقديره بعمق.. ضمنياً، فإن
الإيمان بالدار الآخرة، والذي يصل إلى حد إنكار الموت، قد يحجب عنا هذه البصيرة..)
هذا ما كتبته، وما قرأه الناس، ووجد فيه
الكثير من الملاحدة سلوى عن الآلام التي تصيبهم جراء تذكرهم للموت وللعدم بعده..
وللعبثية التي سبقت ذلك ولحقته.
لا أكتمكم أني كتبت ذلك، وأنا أتجرع آلاف
الغصص والآلام.. وكنت أتجرع معها كذلك الكثير من الكبرياء.. وكانت رسالتي للبشرية
هي نوع من الاستغاثة لرب البشرية الذي تكبرت عليه، ولم أحترمه، ولم أقدره.. ولست
أدري لم؟
لقد كانت فطرتي تود أن تصيح في كل كياني
مخاطبة المبدع العظيم قائلة له: (ها أنذا يا إلهي قد أنهيت مرحلة هذه الحياة
بحلوها ومرها، وأنا أريد منك أن تبدلني منها حياة خيرا منها، وأكرم في جوارك
الكريم).. لكني لم أفعل.
وقد شاء الله أن يرسل لي في تلك اللحظات
من ينبهني من غفلتي، ويوقظني من سباتي، لأرى الوجود بصورته الحقيقية، لا صورته
التي رسمتها لي الفلسفة التحليلية والوجودية والعبثية التي حطمت فطرتي وحقيقتي.
بعد أن خرجت من عيادة الطبيب، وتجرعت غصص
الخبر المؤلم الذي هز كياني كله، التقيت رجلا مؤمنا .. كان من المسلمين.. وكان لا
يختلف عمره عن عمري كثيرا.. وكان هو الآخر أيضا دارسا للفلسفة ومهتما بها لكنه درس
معها كتابه المقدس الذي كان يحمله معه..
والعجيب أنه خرج من نفس العيادة، وأخبره
الطبيب أن حالته لا تختلف عن حالتي،
نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 222