نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 313
وهكذا رحت أقول: (فى أديان التوحيد
الثلاث يعد الله كائنا فائقا متعاليا وراء المادة والزمان والمكان، ولكنه أيضا
أساس كل ما تلتقيه حواسنا .. فالإله اليهودى المسيحى الإسلامى مشارك بنانوثانية
بعد نانوثانية فى كل حدث يحصل فى كل نانومتر مكعب من الكون من تفاعلات الكواركات
داخل نوى الذرات إلى تطور النجوم إلى أبعد المجرات، وفوق ذلك فالله يستمع لكل فكرة،
ويشارك فى كل فعل لخلقه المميز جدا قطعة صغيرة من كم المادة تسمى البشرية وتتحرك
على سطح نقطة صغيرة فى كون شاسع)[1]
ولست أدري ما الضرر في هذا؟.. وهل يدل
العقل على استحالة علم الإله الذي صمم كل هذا الوجود بكل جزئياته وتفاصيله بكونه
الذي خلقه؟.. أم أن العقل يدل على ضرورة علم الإله بخلقه.. لأنه لا يمكن تدبير
شؤونهم من دونه؟
لقد قرأت في القرآن هذا، وبهرني ما فيه
من دلائل لكني ـ لكبريائي ـ امتنعت من الاستجابة له.. لقد قرأت فيه قوله تعالى: ﴿أَلَا
يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الملك: 14]، فهذه
الآية تنبئ عن سر علم الله بكل شيء.. وهو لطفه وخبرته.
لكن عقلي البسيط لم يهضم ذلك لسبب بسيط،
وهو أني كنت أتخيل الله في حال وجوده مثل تخيلي لنفسي.. ولذلك فقد كنت أتصور أنه كما
أحتاج أنا إلى المكان يحتاج هو أيضا إلى المكان.. وكما أن قدراتي العلمية وغيرها
محدودة، فالله كذلك ينبغي أن يكون كذلك.
لقد كان صديقي [دوكينز] في مثل غبائي
وغفلتي وجرأتي، فهو أيضا يتحدث عن عقائد الأديان الثلاثة بثقة مطلقة من دون أن
تكون لديه معرفة حقيقية بها.. كل ما قرأه عنها لا يعدو قصاصات الجرائد الساخرة، أو
بعض الأشرطة الوثائقية الممتلئة بالتلفيق والتزوير.