responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 46

لم يتمالك نفسه بعد أن قال هذا، فراح يبكي مثل الأطفال الصغار، وراحت القاعة كلها تضج بالبكاء.. كنت أسمع صراخهم ونحيبهم من غير أن أرى أحدا منهم.

جان مسلييه:

بعدها عم سكون عميق القاعة، قطعه قرع أقدام، ثم سمعت بعدها الصوت الأول يقول: من خلال الاعترافات التي أدلى بها زميلنا في الإلحاد [بارون دي هولباخ] يمكننا أن نكتشف سببين كبيرين لإلحاده: أولهما تلك المواقف الخاطئة لرجال الدين من العقل والعلم، والذي برز خصوصا في موقف الكنيسة من النهضة العلمية.. والثاني هو ذلك الاستبداد السياسي والاجتماعي الذي تغطى بغطاء الدين.

ولمزيد من التفصيل حول هذين السببين، سيتقدم الكثير من أساتذة الإلحاد في التاريخ، والذين اتخذوا من هذين السببين قنطرة لجحود الله.

وسيتقدم الآن أستاذ من أساتذة [بارون دي هولباخ] الكبار، بل أستاذ من أساتذة التنوير المتقدمين، لاشك أنكم تعرفونه جيدا، بل ربما تكونون من تلامذته المباشرين أو غير المباشرين.. فلا يمكن لملحد بعد عصر النهضة أن لا يكون قد عرفه، أو سمع باسمه، أو تتلمذ على من تتلمذ عليه.. إنه القس [جان مسلييه[1]].. قد تتعجبون من كونه قسا وملحدا.. لن أشرح لكم سر ذلك.. بل سأدعه للقس نفسه، فخير من عبر عن الإنسان لسانه.

سمعت قرع أقدام .. بعدها سمعت صوتا ممتلئا حزنا، راح يقول: لست أدري ما أقول لكم، وكيف أعبر لكم عن نفسي، وعن الأزمة الفكرية الحادة التي مررت بها، لا في أيام معدودة، بل في جميع حياتي..


[1] القس جان مسلييه (1678- 1733 م) راعي أبرشية (أتربيني) في شمبانيا الذي كان في كل عام يمنح الفقراء كل ما يتبقى من راتبه بعد تسديد نفقات حياته المعتدلة البعيدة عن الإسراف والتبذير)، ولكنه عاش أزمة فكرية حادة بقيت فيها أفكاره محبوسة في زنزانة الجمجمة طوال حياته في حالة خوف وترقب من أن يفتضح أمره ويقرأ الناس ما كتب من هرطقة.

نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 46
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست