إن لم يُبح مدح الفتى أخلاقه
***
***
بيضًا فأي تمدح وثناءِ
لقد قلت هذا في المرحلة الأولى من حياتي،
وبقي معي في المرحلة الأخرى التي أقمت فيها معابد لأعبد فيها نفسي وأنانيتي.. لقد كتبت
في الغلاف الخارجي لكتابي (هذه هي الأغلال) هذه العبارة المشحونة بكل أصناف الكبرياء:
(سيقول مؤرخو الفكر إنه بهذا الكتاب بدأت الأمم العربية تبصر طريق العقل!)
وقلت في ثناياه: (إن مافي هذا الكتاب من
الحقائق الأزلية الأبدية التي تفتقدها أمة فتهوى، وتأخذ بها أمة فتنهض، ولن يوجد
مسلم يستغني عن هذه الأفكار إذا أراد حياة صحيحة)
ولم تكن هذه الأنانية حبيسة نفسي أو
كتبي، بل إن روائحها المنتنة فاحت لكل من حولي، وخاصة لمن خالفني أو اختلف معي..
لعلكم تذكرون موقفي من أستاذي الكفيف
الشيخ يوسف الدجوي، والذي اختلفت معه في بعض المسائل.. فرحت أشنع به في الكتب
والصحف والمجلات، وأتهمه بالغرور لأنه خالفني، ولم يخضع لأفكاري.. لقد قلت فيه: (وكأني
بالدجوي المغرور عندما يرى هذه البراهين إن كان يرى التي ما كانت تخطر على فؤاده
إن كان له فؤاد يغضب ويصخب، ويشتم، ويقول ماهذه البلوى؟ ما هذه المحنة التي خصصت
بها؟ ما هذا النجدي الذي يريد أن يأكلني ويشربني؟ ما هذا العربي الذي منيت به
لينزلني من منزلتي التي ارتقيتها بلقبي وكتبي وراتبي ورتبي وغفلة أهل العلم والفهم
عني؟ ويقول يا ليتنا أرضينا هذا النجدي وأسكتناه عنا ولو بملء فيه دراً، ولو بكل
ما نأخذه من راتب، وما نملكه من متاع)
أصدقكم القول بأنه كان يمكنني ألا أكون بهذه
الصورة لو أنني لم أعش بين قوم نفخوا في من روح الكبرياء ما جعلني أستعلي على أستاذي
الدجوي وغيره من علماء الأزهر، بل
نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 57