نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 92
الحيادية، وتوجبه الأمانة الفكرية في
البحث الجاد عن المعرفة والحقيقة.
بالإضافة إلى هذا كله، فإنه لا يوجد نص
مقدس عند المسلمين يتنافى مع ما تطرحه تلك النظرية في مجالها المحدود.. فكلمة
[الخلق] الواردة في القرآن الكريم لا تعني دائماً الإيجاد من العدم المطلق، بل
كثيراً ما تستعمل مراداً منها التحويل في الصفات والعناصر التركيبية من حال إلى
حال، ومن وضع إلى وضع، ومن هيئة إلى هيئة، ومن خصائص إلى خصائص، دون زيادة شيء على
المادة الأولى من العدم المطلق.
ففي القرآن الكريم نجد هذه الآيات: ﴿وَلَقَدْ
خَلَقْنَا الإنسان مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي
قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا
الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ
لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ
الْخَالِقِينَ (14) ﴾ [المؤمنون: 12 ـ 15]، وهي تشير بصراحة إلى أن كل صور
الخلق هذه هي عبارة عن عمليات تحويل من وضع إلى وضع، ومن حال إلى حال، ومن صورة إلى
صورة، ومن خصائص إلى خصائص، وقد أطلق على هذه التحويلات أنها خلق، باعتبار أن
القدرة الربانية هي المتصرفة في كل هذه التحويلات.
وهكذا نجد في القرآن إطلاق الخلق على
تغيير هيئة الطين وجعله على صورة طير، كما ورد في قوله تعالى للمسيح عيسى عليه
السلام: ﴿وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي
فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي﴾ [المائدة: 110] .. وبما أن
كل التغييرات الكونية إنما تجري بإرادة الله وقدرته، فهي ظواهر لأعمال الخلق التي
يقوم بها الله تعالى.
ولهذا فإن التسليم الكامل بنظرية
(لافوازيه) ضمن حدودها، لا تتعارض أبدا مع المفاهيم الدينية التي دلت عليها نصوصه
المقدسة.
هذه بعض مغالطاتي التي كنت أدافع
بها عن إلحادي، مع أنني كنت أعلم أن العلم والفلسفة وكل شيء يسير في خطى متسارعة
للدلالة على الله.. ولهذا كنت أغض طرفي،
نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 92