نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 91
وإنما هي تحولات من مادة لطاقة، أو من
طاقة لمادة، أو من مادة لمادة)
مع العلم أن هذه النظرية محصورة في مجال
معين ذي أبعاد، وليس في مستطاعها أن تتحدث عن كل الوجود في كل أبعاده من الأزل إلى
الأبد.. فهذا أمر لا تستطيع تقريره أي نظرية استقرائية مهما بلغ شأنها، إلا أن
يكون كلامها رجماً بالغيب، وتكهناً لا سند له، وطرحاً تخيلياً محضاً.
فهل رصد [لافوازيه] جميع أجزاء الكون في
كل الأزمان، وعرف منها أنه لم يخلق في الأزمان القديمة جداً شيء من العدم؟
وهل رصد جميع أجزاء الكون فيما يأتي من
الأزمان، وثبت له أنه لا يمكن أن يخلق شيء من العدم، ولا يمكن أن يعدم شيء موجود؟ ..
وكيف يتسنى له رصد المستقبل، وهو لا يملك استقدامه؟
وهل رصد هذا الكون في كل أبعاده المكانية؟
.. ألا يحتمل وجود مكان سحيق فيه لم يرصدوه ولم يعرفوا ما فيه؟ .. أفيحكمون عليه
إذن حكماً غيابياً قياساً على ما رصدوه منه في الأمكنة التي استطاعت أن تبلغ إلى
مداها أجهزتهم وملاحظاتهم؟
أليس هذا الحكم الغيابي مع جهالة الخصائص
والصفات حكم باطل؟
ثم إن هذه النظرية التي اعتمدت عليها
لأثبت الإلحاد ليست سوى نتيجة لملاحظة الكون المنظور المدرك، أما عالم الغيب الذي
لا تصل إليه الإدراكات الإنسانية المباشرة أو عن طريق الأجهزة، فهو عالم خارج
بطبيعته عن مجال النظرية، لذلك فإنها لا تستطيع أن تحكم عليه، لأن حكمهما عليه هو
من قبيل الحكم على الغائب المجهول في ذاته وفي صفاته.
ولذلك، فإن جُلُّ ما تستطيعه مثل هذه النظريات
هي أن تعلق أحكامها تعليقاً كلياً، أو تصدر أحكاماً مشروطة احتمالية غير جازمة، وهذا
ما تقتضيه الدراسة العلمية المنطقية
نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 91