نام کتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 114
قولي هذا.
وبهذه المقولة وضع
ديكارت أساس العلم تجاه داء الشك المزمن، مستخلصاً دواءه من نفس الداء، وحصل على
أول يقين من إدراك الإنسان وجود نفسه.
لقد قال معبرا
عن ذلك: إن قضية [أدرك فأنا إذن موجودٌ]، حقيقة بديهية.
وبذلك يخطئ من
يظن أن ديكارت كان يدعو إلى الشك في كل شيء، بل إنه هو الذي استخرج -حتى من الشك-
حقيقة متحققة.. وهو الفيلسوف الوحيد بين فلاسفة الغرب الذي ألغى ثنائية العقل والإيمان
المنتقلة من فلسفة القرون الوسطى، والتي تأثرت بها المسيحية، فأدخلت الإيمان في
نظرية اليقين ركناً جديداً؛ بحجة أن العقل لا يتخلص من الحسبانية في اكتساب اليقين،
فيحتاج إلى دعمه بالإيمان المبني على الإرادة.. ولم يكن ذلك سوى توهيناً للعقل، أكثر
من دعم له، لاتهامه بالعجز، وتفضيل قوة الإيمان على قوته.
وأنتم تعلمون
السبب الذي جعل رجال الدين المسيحي يتوجهون هذا التوجه، فهو ليس حرصا على الإيمان
بوجود الله، ولا حرصا على كمالاته، لأن العقل يؤيد هذين الأمرين جميعا.. ولكن
دفعوا لذلك لعجزهم عن إثبات تلك الإضافات التي أضافوها للإيمان بالله، والتي عجزت
العقول عن تعقلها أو تصورها.
لقد قال [بول
زانه] يذكر ذلك: (يُفهم أن القرون الوسطى، لم توفق في علمها، ولم تستطع تأليف
العقل بالإيمان، فسعى لتغليب الثاني على الأول)
ولهذا، فإن ديكارت
عندما جاء في ذلك العصر راح يلغي ثنائية العقل والإيمان، باطراح الإيمان، وإعادة
حقوق العقل إليه، وتخليصه من الحسبانية، وقضائه على الشك، بسلاحٍ مأخوذٍ من الشك
نفسه.
وليس معنى إشادتي
بطرحه للإيمان، أنه فعل ذلك مطلقاً، كما قد يتوهم، وإنما طرح اعتباره ركناً في
نظرية اليقين، وسنداً للعقل في إدراك الحقائق؛ فليس العقل عنده تابعاً
نام کتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 114