responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 123

بعد أن أنهى الرجل الثالث حديثه، قام رجل رابع، وقال: سأحكي لكم الآن حكاية برهاني.. والذي له علاقة بجميع ما ذكرتموه من براهين.. لا أدعي أنه يعوضها، أو يتجاوزها.. ولكنه يفيدها..

فالكثير ممن ينكر برهان الفطرة، أو برهان الصديقين، أو البرهان الوجودي، أو حتى براهين الفلاسفة الذين يستخدمون الوسائط للدلالة على الله.. لا يكون إنكاره لها إلا بسبب خرم خطير في ذاته ووجدانه جعله لا يرى الأشياء بحقيقتها.. ولذلك كان البرهان الوجداني هو النظارة التي تصحح له الرؤية، فيفهم البراهين بدقة.

إن تلك النظارة الوجدانية، أو ذلك التلسكوب الإيماني، أو ذلك الميكروسكوب العقدي، هو الذي أخرجني من ظلمة نفسي ودنسها إلى أنوار الوجود وقدسيتها.. حتى جعلني أرى المعاني الإيمانية رؤية أوضح من رؤية العينين الباصرتين.. ولذلك لم أعد أحتاج إلى أي دليل.. وهل بعد العيان من خبر؟.. وهل بعد المشاهدة من إنكار؟

وأول من علمني حقائق هذا البرهان ومقدماته، وأقنعني به، ومارسته معه، وتدربت عليه بصحبته عالم من علماء المسلمين وعارفيهم التقيت به في ذلك الزمان البعيد في بلدة من خراسان، وقد سمعت أنه كان تلميذا للفيلسوف واللاهوتي [أبي حامد الغزالي]، التقيته، وبثثت له شكوكي، وأني لم أعد أطيقها.

قال لي: لا تقلق من ذلك.. فالشك مقدمة اليقين ومبدؤه.. وقد حدثني شيخي أبو حامد الغزالي أنه مر بتجربة شك أخرجته من صحراء التقليد إلى جنان التحقيق.. لقد ذكر لي ذلك، فقال: (إن اختلاف الخلق في الأديان والملل، ثم اختلاف الأئمة في المذاهب، على كثرة الفرق وتباين الطرق بحر عميق غرق فيه الأكثرون، وما نجا منه إلا الأقلون، وكل فريق يزعم أنه الناجي.. وقد كان التعطش إلى درك حقائق الأمور دأبي وديدني من أول أمري وريعان عمري، غريزة وفطرة من الله وضعتا في جبلتي، لا باختياري وحيلتي، حتى انحلت

نام کتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 123
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست