نام کتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 185
سكت قليلا، ثم
قال[1]: بما أنكم حدثتموني على ضوء اختصاصاتكم، فسأحدثكم
على ضوء اختصاصي، فقد رأيت أن التصور من أعجب طاقات الإنسان التي لا يمكن تفسيرها
تفسيرا ماديا.. فالإنسان ـ باستعماله لتصوره ـ يسافر على الفور إلى حيث يشاء.. والخطيب
قد ينتقل بسامعيه إلى حيث يريد.. فهو إذا وصف جزيرة مرجانية من جزر الهند الشرقية
انتقل ذهنه وأذهان سامعية إلى تلك الجزيرة.. فإذا بهم يرون بأذهانهم سلسلة صخور
مرجانية تحيط بها، ويرون الشاطئ المرجاني، وتغيرات لون المحيط، والسماء المطلة
عليها، والنخيل التي تهزها الريح، وجزيرة في الوسط في حلة قشيبة من نباتات المناطق
الحارة.
وهكذا قد يصف
لهم البحيرة الرائقة، وهي زرقاء مثل صفحة السماء، صافية كالمرآة، واذا انتقل به
الفكر إلى أبعد من ذلك، فقد يرى سامعوه أعماق تلك البحيرة.
سكت قليلا، ثم
قال: لقد اكتشفت أن قوة التصور هي مصدر سعادة للطفل.. حيث أنه يستخدمها في لعبه
كما يحلو له.. وما عليكم إلا أن تطلعوا على ما يعتقده الأطفال في نفوسهم حين اللعب
معا.. فالغلام الذي يحمل على كتفه بندقية من الخشب، قد يعتقد أنه جندي بالفعل.
لا تتوقف فائدة
ذلك عند الطفل.. فالتعليم والتجربة والبيئة والمهارة، كل أولئك قد تحيل الخيال
الرائع إلى قطعة فنية، سواء أكانت رواية تمثيلية أم قطعة موسيقية أم لوحة رسم أم
جهازا دقيقا.. والأفكار إنما هي بنات التصور، فهي اذن أسس العبقرية، وأعظم نتاج
العقل البشري.
عندما قال لنا هذا،
سألناه عن سره، فقال: دعوني من التفسيرات التي درسناها