نام کتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 269
***
أما الأستاذ
الثالث الذي اهتديت به لبعض مظاهر التوازن في الكون، فقد كان أستاذ علوم الحياة،
فقد فسر لنا من حيث لا يشعر قوله تعالى: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي
الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا
فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ﴾
[الأنعام: 38]
لقد قال لنا في
ذلك، وهو يضرب لنا بعض الأمثلة عن التوازن الموجود في الأحياء: إن الجوارح التي
تتغذى بصغار الطيور قليلة العدد، لأنها قليلة البيض، قليلة التفريخ، فضلاً على
أنها لا تعيش إلا في مواطن خاصة محدودة.. وهي في مقابل هذا طويلة الأعمار، ولو
كانت مع عمرها الطويل، كثيرة الفراخ مستطيعة الحياة في كل موطن، لقضت على صغار
الطيور وأفنتها على كثرتها وكثرة تفريخها.. وذلك كي تتعادل عوامل البقاء وعوامل
الفناء بين الجوارح والطيور.
وضرب لنا
الأمثلة على ذلك أيضا بالذبابة التي تبيض ملايين البويضات، ولكنها لا تعيش إلا
أسبوعين.. ولو كانت تعيش بضعة أعوام، تبيض فيها بهذه النسبة لغطى الذباب وجه الأرض
بنتاجه؛ ولغدت حياة كثير من الأجناس، وأولها الإنسان، مستحيلة على وجه هذه الأرض..
ولكن التوازن الذي لا يختل، في القدرة التي تدبر هذا الكون، وازنت بين كثرة النسل
وقصر العمر فكان هذا الذي نراه.
وذكر لنا
الميكروبات، وهي أكثر الأحياء عدداً، وأسرعها تكاثراً، وأشدها فتكاً، وهي كذلك
أضعف الأحياء مقاومة وأقصرها عمراً، حيث تموت بملايين الملايين من البرد، ومن
الحر، ومن الضوء، ومن أحماض المعدات، ومن أمصال الدم، ومن عوامل أخرى كثيرة، ولا
تتغلب إلا على عدد محدود من الحيوان والإنسان، ولو كانت قوية المقاومة أو طويلة
العمر لدمرت الحياة والأحياء.
نام کتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 269