نام کتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 330
قلت:
وما تقول في الأساطير التي تؤرخ للآلهة؟
قال:
لقد ذكرت لك أن العقل الإنساني أضفى خيالا على الحقائق التاريخية التي تحملها
الأساطير، فلذلك، فإن الأساطير المرتبطة بالآلهة ليست في الحقيقة إلا تأريخا لعصر
الأبطال، حين كان الإنسان يعجب بالقوة والجبروت، والبطولة في شتى ألوانها المادية
والمعنوية، ويتطور هذا الإعجاب عند الأجيال إلى نزعة من التقديس تتلاشى معها حيناً
بعد حين الحدود الفاصلة بين المحدود المطلق، وبين حقائق الواقع الإنساني، وخفايا
الوجود الغيبي، فتصل إلى حد عبادة الآباء، ثم تصل إلى تناسي هذه الأبوة، ودخولها
في مرحلة تالية.
قلت:
سلمت لك بهذا.. فما تقول في عبقرية الإبداع الفني.. هل تراها كامنة في هذه الصور
الأسطورية؟
قال:
أجل.. فالصور الأسطورية هي التي تشكل قاسماً مشتركاً بين الناس.. إنها هي التي
تطلق قوى المخيلة للمبدع.. ومن هنا كانت الروائع في الأعمال الفنية خالدة ولا وطن
لها.. ذلك لأنها إنما تنبع من اللاشعور الجمعي، حيث ينبسط التاريخ وتلتقي الأجيال،
فإذا غاص الفنان إلى هذه الأعماق فقد بلغ قلب الإنسانية، وإذا عرض على الناس قبساً
من هذا المنبع العظيم عرفوا أنه منهم ولهم.
قلت:
لقد ذكر لي فرويد أن الإبداع يعتمد على التسامي..
قاطعني،
وقال: أخطأ فرويد.. الإبداع لا يعتمد على التسامي.. بل يعتمد على الإسقاط.
قلت:
ما الإسقاط؟
قال:
هو العملية النفسية التي يحول بها الفنان تلك المشاهد الغريبة التي تطلع عليه من
أعماقه اللاشعورية إلى موضوعات خارجية يمكن أن يتأملها الأغيار.
قلت:
كيف يتم هذا الإسقاط؟
قال:
هذا الإسقاط لا يتم إلا من خلال الرمز الناتج عن إطلاع المبدع حدسياً على اللاشعور
نام کتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 330