نام کتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 379
وسعادتها؟.. مَن منكم إذا اهتدى الناس بهديه يَنجون
من المهالك، ويسلكون سبيل السعادة والهناء؟.. مَن منكم وقف حياته علَى حل مُعضلات
البشر، وكانَ حريصًا علَى عقد أواصر الإخاء بينهم علَى الحق والتواصي في الخير؟
لقد قلت لهم: هل يوجد فيكم ما يستعين به بنو الإنسان
علَى تخفيف ما يُعانونه من الغمرات في حياتهم الاجتماعية؟ أم في أخلاقكم وأعمالكم
ما ييسر للإنسانية الشفاء من أمراضها الخلقية وأوصابها النفسية؟ أم في دعوتكم ما
يجلو صدأ القلوب ورينها، أو يرتق فَتْقًا في الحياة الاجتماعية؟
لم أجد أي إجابة على أي سؤال طرحته.. وقد أجابني
جميع الشعراء والأدباء ابتداء مِن هوميروس، إلَى امرئ القيس.. فمن بعده من شعراء
الأمم: بأنه لَم يكن منهم إلَّا إثارة كامن العواطف، وتنبيه النائم من الأفكار، أو
إحداث لذة أو ألم في النفوس.. أما حل معضلات الحياة الإنسانية، وعويصات مشاكلها؛
فذلك أمر بعيد المنال.. وسبب ذلك بسيط.. وهو أنهم في سيرتهم وأعمالهم لا
يُقَدِّمون للناس المُثُل الَّتِي تُحتذى، والأسوة الَّتِي يُقتَدى بهم فيها.
فتركتهم، ورحت إلى الفلاسفة والحكماء الذين بهروا
العقول بفلسفتهم، وحاولوا تغيير تيار الحياة البشرية؛ فلم أجد عندهم ما يشفي
غليلي..
وهكذا رأيت في الكليات المختلفة أفاضل من العلماء
وفحول الأساتذة والمدرسين يُعْجِب الطلبةَ فصيحُ كلامهم، وبراعةُ بيانهم، وبليغُ
حِوارهم، وعَذْبُ حديثهم، وهم يُؤَثِّرون فيهم بذلاقة ألسنتهم، واتساق أفكارهم،
وترتيب معانيهم. لكنهم؛ لا تعدوا محاضراتهم جدران كلياتهم وقاعات محاضراتهم، وإذا
خرجوا منها أصبحوا كعامة الناس لا يمتازون عليهم بعمل تتخذه الإنسانية مثالًا
يُحتذى، ولا بخُلُقٍ يختلفون به عن غيرهم هَدْيًا وسَمْتًا.
وقد رأيت في مقابل الفلاسفة والحكماء كثيرًا من
الملوك الجبابرة الَّذِين حكموا العالَم، واستولوا علَى المماليك، واستعبدوا
الأمم، كم من أرض عمروها، ومدينة دمروها، وكم وضعوا
نام کتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 379