نام کتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 59
فيه العدم لَمَا أوجد الكون؛ ففاقد
الشيء لا يعطيه، وإذا كان وجود الله هو الأصل، فهذا يستلزم أنه لا يحتاج إلى
موجِدٍ يوجده، ولا علة لوجوده؛ إذ لا يُبحَث عن علةِ وجودِ ما الأصلُ فيه الوجود!
ولهذا، فإن قول القائل: إن خالق الكون
بحاجة إلى خالق، رغم أنه خالق، قريب من قول القائل: إن المِلح يحتاج إلى ملح كي
يكون مالحًا رغم أنه مالح.. وإن السكر يحتاج إلى سكر حتى يكون حلوًا رغم أنه سكر..
وإن الأحمر يحتاج إلى اللون الأحمر كي يكون أحمرَ رغم أنه أحمر.
وهكذا، فإن قول القائل: (من خلق الله؟) يساوي
قوله: ما الذي سبق الشيء الذي لا شيء قبله؟.. ويساوي قوله: ما بداية الشيء الذي لا
بداية له؟.. ويساوي قوله: ما بداية وجود الشيء الذي لا بداية لوجوده؟.. وهذه
الأقوال جميعا في غاية السخف والسقوط والاستحالة.
قال الملحد: إن قولك بأن الله لا علة
لوجوده، يستلزم أن الله توقف في وجوده على نفسه؛ أي: إن الله هو الذي أوجد نفسه
بنفسه، وهذا يستلزم أن الله علة لنفسه.
ابتسم المؤمن، وقال: إن كلامك هذا يمكن
قبوله لو كان الله ممكن الوجود؛ إذ ممكن الوجود هو ما كان حادثًا بعد عدم؛ أي:
وجوده له بداية، فيتصور العقل وجوده وعدم وجوده، فيمكن أن يوجد، ويمكن ألا يوجد،
وهذا الحادث بعد عدم لا بد له من موجد يوجده، ومحدثٍ يُحدِثه.. ولكن الله - عندنا معشر
المؤمنين - واجب الوجود؛ أي أن وجوده ذاتي لا ينفك عنه، فلم يكُنْ في زمن من
الأزمان بمفتقرٍ إلى الوجود.. ولم يكن في زمن من الأزمان معدومًا حتى يحتاج إلى من
يخرجه من العدم إلى حَيِّز الوجود.. سبحانه، فهو خالق الزمان والمكان، وعليه فإن
الله لا يصدُقُ عليه أنه مخلوق ومعلول حتى نسأل عن خالقه وعلته، أو أن نقول بأنه
خلَق نفسه بنفسه.
نام کتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 59