نام کتاب : الكون بين التوحيد والإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 139
المعارف والبحوث حولها، ولا شك أنك تستخدم
ما تعرفه من قوانين الكتلة والطاقة في استنباط صفاتها وتركيبها وخواصها.. لكنك مع
ذلك كله، ومع كونها مجال تخصصك الذي قضيت فيه كل عمرك لم تر الذرة حتى اليوم
بطريقة مباشرة.. لكنك تؤمن بوجودها نتيجة آثارها.
التفت لزملائه الآخرين، وقال: إننا جميعا نستدل
على هذه الظواهر جميعا بآثارها، معتمدين في ذلك على الاستدلال المنطقي الصرف، وعلى
ما لدينا من حقائق أولية بسيطة تتعلق بهذه الظواهر والأشياء.
ولذلك نستطيع أن نستخدم نفس المنطق
الاستدلالي في إدراك وجود الله تعالى ومعرفة صفاته.. إننا نستطيع أن نستخدم المنطق
لكي ندرك أن لخالق هذا الكون صفات تناظر الصفات التي نجدها في أنفسنا، فلابد أن
يكون الله متصفا بالحكمة والإرادة والقدرة.
ومما لا شك فيه أننا نحتاج في محاولتنا لوصف
الخالق ومعرفة صفاته إلى مصطلحات ومعان تختلف اختلافا بينا عن تلك التي نستخدمها
عندما نصف عالم الماديات، فالصفات المادية والتفسيرات الميكانيكية التي تقوم على
نظريات السلوكيين تعجز عن أن تعيننا على تحقيق هذه الغاية. وبخاصة بعد ان تبين لنا
أن هذا الكون الذي نعيش فيه لا يمكن أن يكون مادة صرفة وإنما هو مادة وروح، أو
مادة وغير مادة، ولا نستطيع أن نصف الأشياء غير المادية بالأوصاف المادية وحدها.
التفت للحضور، وقال: كثيرا ما طلبت إلى
تلاميذي أن يصفوا لي شيئا غير مادي مثل (الفكرة)، وطلبت إليهم أن يبينوا لي
التركيب الكيماوي للفكرة وطولها بالسنتيمترات، ووزنها بالغرامات ولونها وضغطها وأن
يصفوا لي شكلها وصورتها، وقد عجزوا جميعا عن تحقيق ذلك.
سكت قليلا، ثم قال: إننا لا نستطيع أن نسخر
من هذه المشكلة أو نفر منها، فلو لم
نام کتاب : الكون بين التوحيد والإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 139