لقد عرفنا من خلال المداخلات التي قدمها
زملاؤنا من العلماء أن كل شيء في هذا الكون في مكانه الصحيح.. فالأرض تدور كل أربع
وعشرين ساعة، وهذا الدوران لو تأخر، لما أمكن وجود الحياة.. وإذا زادت سرعة الأرض حول
الشمس أو نقصت تغير تاريخ الحياة هذا إن وجدت تغيرا تاما.. والشمس هي الوحيدة بين
آلاف النجوم، التي جعلت حياتنا على الأرض ممكنة، وحجمها وكثافتها ودرجة حرارتها
وطبيعة أشعتها كلها موضوعة في مكانها بدقة عالية.
وهكذا رأينا الغازات التي بالهواء، منظمة
بعضها بالنسبة لبعض، وأقل تغيير فيها يكون قاتلا.. وحجم الكرة الارضية، ومكانها في
الفضاء وبراعة التنظيمات التي تحكمها.. كلها موزونة بدقة عالية.
التفت لأصدقائه من العلماء، وقال: أنتم
تعلمون أن فرصة حصول بعض هذه التنظيمات مصادفة هي بنسبة واحد إلى مليون، وفرصة
حدوثها كلها معا، لا يمكن حسانها حتى بالبلايين.
ولذلك فإن وجود هذه الحقائق لا يمكن التوفيق
بينه وبين أي قانون من قوانين المصادفة.. فمن المحال إذن أن نهرب من القول بأن
مطابقات الطبيعة حتى توائم الإنسان هي أعجب كثيرا من مطابقات الإنسان ليلائم الطبيعة.
سكت قليلا، ثم قال: عندما نتأمل الحياة
بتعقيداتها المختلفة نجد الأمر أكبر مما نتصور، فالكون ليس تجمعا لمواد وقوى فقط..
بل إن فيه شيئا أسمى من ذلك كله.. فيه الحياة والوعي والعقل والمشارع.. فيه أشياء
أكبر تطورا بكثير من كل ما أنتجته مصانعنا
[1]
المادة العلمية
الواردة في هذا المطلب مقتبسة من كتاب [العلم يدعو للإيمان]
نام کتاب : الكون بين التوحيد والإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 151