نام کتاب : الحياة تصميم لا صدفة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 281
لخالفنا الطبيعة.
قلت: أنت تعلم أن بعض العلماء والفلاسفة
يعتقدون أن خيبة آمال الإنسان في حياته الراهنة هي التي تجعله يفكر في حياة أفضل،
وهم يرون أن هذا الفكر سوف يتلاشى لو أتيح للانسان مجتمع رفاهي كامل، ومن الأدلة
الواقعية على ذلك أن عددا كبيرا من أسرى الروم اعتنقوا المسيحية لأنها وعدتهم
بأفراح السماء.. ولذا تتوقع هذه الطائفة من العلماء والفلاسفة أن سعادة الإنسان
ورفاهية المجتمع سوف تزداد أكثر فأكثر، إلى أن تقضي نهائيا على نظرية العالم
الآخر.
قال صديقنا المؤمن: لكن تاريخ
الأربعمائة سنة الأخيرة التي ازدهرت فيها العلوم والتكنولوجيا يكذب هذا التوقع؛
فان أول ما هيأ التقدم التكنولوجي للانسان أنه أتاح له وسائل عديدة، احتكرتها أيد
محدودة، قامت بدورها باستغلالها، وقضت على صغار العمال والحرفيين، وحولت تيار
الثروات إلى كنوزها، وخزائنها، وجعلت من الشعب عمالا فقراء معوزين، ويمكن مطالعة
هذه المناظر القبيحة التي جاءت نتيجة للتقدم التكنولوجي، في كتاب كارل ماركس (رأس المال)،
الذي يعتبر ضجيجا للطبقة العمالية التي عاشت القرنين الثامن والتاسع بعد الألف، ثم
بدأت ردود فعل هذا الضجيج، وتبعه كفاح طويل، قامت به المنظمات العمالية، حتى تحسنت
الأحوال إلى حد ما.
ولكني أرى أن التغيير الذي طرأ على
أحوال العمال ليس الا ظاهريا؛ فعامل اليوم يتقاضى أكثر مما كان يتقاضاه بالأمس،
أما السعادة الحقة، فانه أكثر افتقادا لها من سلفه.. ذلك ان النظام التكنولوجي لم
يعط الإنسان أكثر من مظاهر مادية، فهو لايملك القيم الروحية، حتى يمنح لأتباعه
السعادة والطمأنينة القلبية.
لقد اعترف (برتراند راسل) قائلا: (إن
حيوانات عالمنا يغمرها السرور والفرح، على حين كان الناس أجدر من الحيوان بهذه
السعادة، ولكنهم محرومون من نعمتها في عالمنا
نام کتاب : الحياة تصميم لا صدفة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 281