نام کتاب : الحياة تصميم لا صدفة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 280
وهذا نفسه يقال للأستاذ [وينوود ريد]..
حيث يقال له: (كيف يجوز لفيلسوف القرن العشرين أن يرى أن يكون الكون الخارجي، في
حقيقة الأمر مطابقا لما يزعمه هو؟)
إنه لم يستطع أن يفهم أمرا في غاية البساطة..
وهو أن الحقيقة لاتحتاج إلى الواقع الخارجي، وانما الواقع الخارجي هو الذي يكون في
حاجة إلى (الحقيقة).. فالحقيقة أن لهذا الكون إلها، وسوف نمثل أمامه يوم الحساب..
فلابد لكل منا سواء أكان روسو أم كان مواطنا عاديا أن يكون وفيا ومطيعا لإلهه؛
فنجاتنا لن يحققها جحودنا، بل هي تكمن في إيماننا وطاعتنا.. والغريب أن [وينوود
ريد] لم يرق له أن يطالب (جوته) و(روسو) أن يسلكا مسلك الحق، وانما طالب الحق
بالتغير.. ولما لم يطع الحق راح ينكره.. وهذا اشبه بمن ينكر قانون حفظ الأسرار
العكسرية، الذي يكرم أحيانا جنديا بسيطا، ويعدم عالما ممتازا، مثل (روزنبيرج
وعقيلته الحسناء) بالكرسي الكهربائي.
سكت قليلا، ثم قال: لايوجد على سطح
الأرض من يفكر في الغد غير الإنسان.. فهو يتميز عن سائر الحيوانات بدوام تفكيره في
المستقبل، وجهاده المتواصل، وسعيه الدائب في سبيل تحسين أحواله. ولاشك أننا قد نجد
بعض الحيوانات تعمل لمستقبلها؛ كالنمل الذي يدخر غذاءه للشتاء القادم؛ والطيور
التي تصنع أعشاشا يسكنها أولادها بعد فقسهم، ولكن هذا العمل لدى الحيوانات صادر عن
غير شعور بالمسؤولية؛ لأنها لاتقوم بهذه الأعمال لقلقها من مشكلات الغد، وانما
تأتي بها طبيعيا، ومن ثم تنتفع بها في المستقبل فالتفكير في المستقبل يتطلب فكرا
مدركا واعيا، وهو من ميزات الإنسان فحسب، ولايتمتع به شيء من الحيوانات غيره.
هذا الفرق الكبير بين الإنسان والحيوان
يؤكد أنه لابد أن تكون للانسان مواقع أكثر بالنسبة إلى أي نوع آخر للانتفاع بها، فحياة
الحيوانات هي ما تسمى (حياة اليوم)، ففكرة الغد لاتوجد عندها، ولكن مطالعة حياة
الإنسان تقتضي (غدا)، ولو أنكرنا هذه الحاجة
نام کتاب : الحياة تصميم لا صدفة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 280