نام کتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 247
الغضب الدافع إلى الحمية
والحفاظ على الوجود.. وهذان الجهازان ينتظم تحتهما كل ما تتطلبه النفس من غرائز
الوجود، وهما المستعملان لأعضاء البدن في تحقيق متطلبات هذه الغرائز.
قال الغزالي يشرح ضرورة هذه
الغرائز :( فافتقر لأجل جلب الغذاء إلى جندين: باطن، وهو الشهوة. وظاهر، وهو اليد
والأعضاء الجالبة للغذاء، فخلق في القلب من الشهوات ما احتاج إليه، وخلقت الأعضاء
التي هي آلات الشهوات فافتقر لأجل دفع المهلكات إلى جندين: باطن، وهو الغضب الذي
به يدفع المهلكات وينتقم من الأعداء. وظاهر، وهو اليد والرجل اللتين بهما يعمل
بمقتضى الغضب، وكل ذلك بأمور خارجة؛ فالجوارح من البدن كالأسلحة وغيرها)[1]
والأمر إلى هذا المحل تتفق فيه
النفس البشرية مع النفس الحيوانية، وليس هناك أي خصوصية للإنسان في هذه الجوانب،
وليس هناك أي مجال للمدح أو الذم لما يتعلق بمتطلبات هذه الغرائز.
وإنما يبدأ التكليف، وينشأ
المدح والذم من غريزة أخرى لها علاقة بهذه الغرائز من جهة، ولها علاقة بسر وجود
الإنسان من جهة أخرى، فهي بين بين، وعلى أساس هذه الغريزة تتحدد علاقة الإنسان
بنفسه.
وهذه الغريزة هي غريزة الإدراك
المزودة بأدوات التعرف على العالم الذي نزلت روح الإنسان إليه.
قال الغزالي مبينا وجه الحاجة
إلى هذه الغريزة وعلاقتها بما سبقها من غرائز :( ثم المحتاج إلى الغذاء ما لم يعرف
الغذاء لم تنفعه شهوة الغذاء وإلفه، فافتقر للمعرفة إلى جندين: باطن، وهو إدراك
السمع والبصر والشم واللمس والذوق، وظاهر، وهو العين والأذن والأنف وغيرها)
وزود بالإضافة إلى هذه الحواس
بوسائل التعامل مع المعلومات والمدركات، ويمكن إدراكها بسهوله ( فإنّ الإنسان بعد
رؤية الشيء يغمض عينه فيدرك صورته في نفسه وهو الخيال،