نام کتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 257
وللاستدلال لهذه
المسكنات الكاذبة راح يشبه الحياة ببناء تمثال ثلج، أو قلعة من الرمال على الشاطئ،
فهذه الأشياء ـ كما يعبر ـ (كالحياة نفسها، زائلة بدون شك تذيبها الشمس أو يمحيها
المد.. هي أشياء ليس لها غاية أو هدف أسمى، وبعد زوالها لا يتبقى أي أثر يدل على
وجودها الذي دام ساعات أو أيام قليلة.. إلا أننا نبني تماثيلا ثلجية أو قلاعا رملية
لأننا، دينيين كنا أم ملحدين، نعيش في هذا المكان الصغير جدا من الكون وفي هذا
المقطع الزمني القصير جدا من عمره. في ضوء حياتنا الفانية القصيرة جدا نسبيا،
نستطيع كبشر أن نتمتع معظم الوقت بهذه الحياة بالقيام بأعمال لا معنى لها لمجرد
كونها ممتعة. فمن الممتع بناء تمثال ثلج أو قلعة رملية، أو تسلق جبل، أو مشاهدة
الغروب، أو رمي قطعة حجر مسطحة ومشاهدتها تتقافز على سطح الماء، أو تطيير طائرة
ورقية، أو الخروج في رحلة إلى الطبيعة أو الريف للتنزه أو ركوب الدراجات. هذه
الأعمال، بطبيعتها، ليس لها معنى أو غاية أو هدف أسمى في انتظار أن يُحرز أو يتم
تحقيقه - بل هي أعمال تكتسب معناها وقيمتها مما تعنيه لنا ومن تأثيرها المباشر
علينا. أنا لست قلقا جدا حول مستقبل سيأتي بعد خمسين بليون سنة. ما يهمني هو
مستقبل البشرية الآن - مستقبل الأجيال الحالية والتي ستأتي بعدها. هذا هو جوهر معنى
الحياة الفانية، وهذا هو بالتحديد السبب الذي يجعلني، كملحد، مكترثا ومهتما جدا
بهذه الحياة ومستعدا أن أبذل أقصى جهدي للإستفادة البناءة من هذه الفرصة التي
تمنحها الحياة لي)
وهذا العزاء
الذي ذكره هذا الملحد لا يمكن أبدا أن ينسجم مع كل الناس، بل هو خاص فقط بطبقة
محدودة من أصحاب الأموال الذين يمكنهم أن يمارسوا ما يشتهون حتى يشعروا بالعزاء،
أما أولئك المستضعفين الفقراء، والذين تشكل الحياة عبئا كبيرا عليهم؛ فإن تلك
العزاءات لن تفعل لهم شيئا، فالحياة عندهم مجموعة آلام.. ولذلك لا يستطيع الإلحاد
أن ينقذهم من آلامهم.. بل الوحيد الذي ينقذهم من آلامهم هو الإيمان.
نام کتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 257