وعندما نقارن الرؤية
الإيمانية لمصدر الأخلاق بنفس الرؤية عند الملاحدة، نجد الفرق الكبير بينهما؛ ذلك
أننا لو أننا خولنا هذا الامتياز للإدارة الحاكمة ـ كما تنص بعض النظريات
الإلحادية ـ فليس في ذلك أي أساس نظري وعلمي يجيز لها ذلك الامتياز، ثم ان هذا التحويل
من ناحية أخرى لايجدي نفعا؛ فإن اطلاق أيدي الحكام ليصدروا أي شيء لتنفيذه بوسيلة
القوة أمر لاتطيقه ولاتحتمله الجماهير.
ولو أن هذا
الأمر خول لرجال المجتمع ـ كما تقول نظريات أخرى ـ فإننا نجدهم أكثر جهالة وحمقا، لأن
المجتمع ـ أي مجتمع ـ اذا نظرنا اليه ككل، لايتمتع بالعلم والعقل والتجربة،
وهي أمور لابد منها عند التشريع، فهذا العمل يتطلب مهارة فائقة وعلما وخبرة، وهو
مالاتستطيع العامة من الجماهير الحصول عليه؛ كما أنها، وان أرادت، لن تجد الوقت
الكافي لدراسة المشكلات المختلفة وفهمها.
وللخروج من هذه
المشكلة توصل بعضهم الى حل وسط، وهو أن يقوم البالغون من أفراد المجتمع بانتخاب
ممثلين لهم، وهؤلاء بدورهم يصدرون التشريعات المرتبطة بهذا باسم الشعب، ومن الممكن
أن ندرك حماقة هذا الحل الوسط، حين نجد أن حزبا سياسيا لايتمتع الا بأغلبية51
بالمائة من مقاعد البرلمان يحكم على حزب الأقلية، الذي يمثل 49 بالمائة من أفراد
المجتمع البالغين.
وليت الأمر توقف
عند هذا الحد، بل إن هذا الحل يحتوي على فراغ كبير جدا تنفذ منه (أقلية) لتحكم على
أغلبية السكان.
وبناء على هذا
كله، فإن الدين وحده من يستجيب لهذا التحدي الخطير، الذي قد يدمر