نام کتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 401
لكن هذا الجواب
قد يعارض بما نراه في الواقع فكيف يمكن وصف الله تعالى بالرحمة التي لا حدود لها
في نفس الوقت الذي نرى فيه أنواع الآلام والمصائب؟
والجواب على ذلك
من وجوه نفصلها في العناوين التالية:
أ ـ خصوصيات الرحمة الإلهية:
فالرحمة الإلهية
تختلف في حقيقتها عن رحمتنا البسيطة، ذلك أن أحدنا إذا رحم غيره رق قلبه، وانهمرت
دموعه، وشعر بمشاعر هي أدل على الضعف منها على الكمال.. والله تعالى الكبير
المتعال الذي ليس كمثله شيء يتعالى عن النقص، فهو السلام الذي سلم من كل الآفات،
بل من كل ما نتوهمه كمالا، بل نحن ـ لضعفنا وقصورنا ـ لا نعرف من حقائق الأسماء
إلا بعض مظاهرها، أما حقائقها فلا حدود لها.
ولذلك تتفق
رحمته تعالى مع ما نفهمه من الرحمة في بعض الأمور، وتختلف في بعضها.. فالرحمة في
منطقنا تستدعي مرحوما، وتشترط في المرحوم أن يكون محتاجا، وتشترط في الراحم أن
يفيض عنايته على المرحوم بما يسد حاجاته، قاصدا بذلك العناية بالمرحوم، فإن قصر ـ
مع القدرة ـ لم تعتبره رحيما، فإن عجز اكتفت منه بما يظهر عليه من أمارات الرقة
وعلاماتها، فتكون رحمة قاصرة لا يصيب المرحوم منها إلا امتنانه لمن رحمه.
وتتفق الرحمة
الإلهية مع هذه المعاني جميعا إلا في المعنى الأخير، والذي لا يعتبر شرطا في
الرحمة، بل هو دليل العجز والنقص، وعدم احتواء الرحمة الإلهية على هذا المعنى مظهر
من مظاهر كمالها، لأن الرحيم الذي يفيض عنايته بسبب ما اعتراه من الرقة، هو في
حقيقته يعالج رقته، ويعتني بالضعف الذي أصابه لا بالمرحوم، ولذلك تجده يضطر
المرحوم للتوسل إليه بفاقته وعجزه ليرحمه.
يقول الغزالي:(الرحمة
لا تخلو عن رقة مؤلمة تعتري الرحيم فتحركه إلى قضاء حاجة المرحوم والرب سبحانه
وتعالى منزة عنها، فلعلك تظن أن ذلك نقصان في معنى الرحمة،
نام کتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 401