responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 402

فاعلم أن ذلك كمال وليس بنقصان في معنى الرحمة، أما أنه ليس بنقصان فمن حيث أن كمال الرحمة بكمال ثمرتها ومهما قضيت حاجة المحتاج بكمالها لم يكن للمرحوم حظ في تألم الراحم وتفجعه، وإنما تألم الراحم لضعف نفسه ونقصانها ولا يزيد ضعفها في غرض المحتاج شيئا بعد أن قضيت كمال حاجته، وأما أنه كمال في معنى الرحمة فهو أن الرحيم عن رقة وتألم يكاد يقصد بفعله دفع ألم الرقة عن نفسه فيكون قد نظر لنفسه وسعى في غرض نفسه، وذلك ينقص عن كمال معنى الرحمة بل كمال الرحمة أن يكون نظره إلى المرحوم لأجل المرحوم لا لأجل الاستراحة من ألم الرقة) [1]

وحتى نبسط هذا المعنى نعود إلى مثال الطبيب الجراح، فلا شك أننا قد نبدو أكثر رحمة ورقة في التألم لحال المريض، لكن الطبيب الناصح أكثر رحمة منا حين يحرمه من بعض ما يشتهيه، لأن نظره بعيد، وغايته أسمى، أما غايتنا فهي محدودة بالتخلص من ذلك الألم الذي يعترينا وهو مصلحة لنا لا للمريض.

ب ـ تعارض الرحمة مع العدل والحكمة:

فالرحمة قد تتعارض مع مقتضيات أسماء حسنى أخرى كالعدل مثلا، وحينها تقتضي الحكمة الإلهية تقديم العدل على الرحمة، كما في قوله تعالى:﴿ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ (الحجر:49)، وقال بعدها:﴿ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ﴾ (الحجر:50)، ومثل ذلك قوله تعالى:﴿ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (المائدة:98)

فالله تعالى هو الرحيم الذي خلق كل شيء، وجعل لكل شيء من الحكم ما يصب في بحر الرحمة التي هي منفعة محضة، ولكن هذه الرحمة قد يعترضها ما يحيلها إلى ألم، ولا يكون ذلك الاعتراض إلا من نفس الإنسان.


[1] المقصد الأسنى:62.

نام کتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 402
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست