responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 425

بإنسانيته في مستوياتها الرفيعة.

وحتى نقرب هذا الأمر، نذكر أن الجهاز العصبي المعقّد الذي لا يزال العلم يسعى لكشف طبيعته وخريطته، يدل على أنّ إحساسنا بالألم ليس مجرّد حدث عبثي ناتج عن ضغط من الداخل أو الخارج، وإنّما هو جرس إنذار ينبّه الإنسان إلى أمر يدبّ على لحمه، أو يجري في دمه.

فضغطة الصدر قد تكون إنذارًا مسبقًا بجلطة، ووجع السن علامة على نخر السوس، وارتخاء المفاصل تنبيه لارتفاع السكر.. واستغناؤنا عن هذه الآلام يعني إطلاق يد المرض تعبث بداخلنا دون أن ندري، وإفساحٌ لميدان أجسادنا تخترقه الفيروسات أنّى شاءت.

ومن الأمثلة التي يذكرها العلماء في هذا الباب لتقريب هذا المعنى: أنّ فقدان الأصابع بسبب مرض الجذام لا يعود إلى الأثر المباشر لهذا المرض على الأطراف، وإنّما لأنّ المريض يفقد الإحساس في هذه المناطق مما يسمح للأمراض بأن تجد لها مجالًا للتأثير السلبي دون إزعاج من المنظومة العصبيّة التي تزرع الألم لتحصد المعالجة العاجلة.

ولذلك فإن الألم أحيانا كثيرة يكون هو السبب في حفظنا وترقيتنا وتربيتنا، وقد يحتاج أحيانا كثيرة ـ ليؤدي هذا الدور المهم ـ أن يكون فوق قدرتنا الاعتياديّة على التحمّل، ذلك أن الإهمال والاستصغار لكثير من عوارض الأبدان طبعٌ فينا، ولو تُركنا إلى ألم بسيط لا يهزّنا ويزعجنا، لغفلنا عن كثير من فواتك الأمراض التي تثخن في البدن وتزهق الروح.

ولذلك ـ أيضا ـ يحتاج الألم حتى يؤدي دوره في حفظنا وترقيتنا أن يكون خارجًا عن سيطرتنا.. ذلك أن الألم الذي ينغّص علينا نومنا أو يفسد علينا لذّة الأكل، هو رسالة جادة من البدن إلى وعينا حتّى لا نتراخى في الأخذ بأسباب العلاج، ولو أننا استطعنا أن نكف هذا الألم بضغطة زر كما يُكَفُّ صوت جرس المنبّه، لما تمكن الألم من أداء دوره فينا.. فنفوسنا أبلد من أن تُسلم إلى نظام مترف في إدلال الإنسان عند هجمة المرض.

نام کتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 425
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست