نام کتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 426
وقد ذكر الدكتور
[بول براند] في كتابه [هِبة الألم] هذا المعنى، فقال: (لقد احتاج الأمر إلى سنوات
كثيرة من البحث لجمع كامل الصورة.. يَستعمل الألم مجموعة واسعة من نبرات
المحاورة. يهمس إلينا في المراحل الأولى: نشعر في اللاوعي بعدم ارتياح بسيط أو
حاجة لتغيير الوضعيات على الفراش أو تعديل لطريقة الخطو عند الركض. ثم يتحدّث
إلينا الألم بصوت أعلى عند تنامي الخطر: تزداد حساسية اليد بعد فترة من كنس أوراق
الشجر، أو تتقرّح الرجل في الحذاء الجديد. ويصرخ الألم عندما يصبح الخطر عظيمًا:
يُلزم المرء أن يعرج أو حتى يتوقف تمامًا عن الجري)
والألم بذلك يقوم بدور الطبيب
الحكيم الناصح الرفيق، الذي لا يتدرّج إلى الوجع الأحدّ إلّا عندما تكون الحاجة أشدّ إلى الانتباه والتفاعل
الواعي مع الأذى الداهم للبدن.
وقد ذكر هذا
الطبيب تجربته كجراح مع مرضى الجذام ببيان كيف يؤول فقدان المرضى للإحساس إلى أن
تتلف أطرافهم بالبتر، وربّما يصابون بالعمى لغياب الحافز الفيزيولوجي لأن يرمشوا،
فقال: (طَرْفُ العين اللاإرادي هو عجيبة من عجائب الجسم البشري، لا يوجد جهاز استشعار للألم أكثر حساسية من ذاك الذي على سطح العين)
وهكذا ذكر قيمة
السعال ودور الآلام التي تعتيرنا خلاله، فقال: (يكمن الخطر للإنسان الذي لا يشعر
بالألم، في كل شيء.. الحنجرة التي لا تشعر البتة بالدغدغة لا تُستثار لتسعل وتخرج
البلغم من الرئة إلى الحنجرة، ولذلك فإنّ من لا يسعل أبدًا مهدد بمرض الالتهاب
الرئوي)
ويعرض خلاصة
تجربته مع الألم وموقعه في حياة الإنسان، فيقول: (لقد تعلّمت أن أميّز بصورة
جوهرية بين أمرين: الشخص الذي لا يشعر بالألم هو إنسان توجّهه مهامه في الحياة،
أمّا الشخص الذي يتمتع بنظام سليم لاستشعار للألم، فهو مُوَجَّه ذاتيًا.. هذا الذي
لا يشعر بالألم من الممكن أن يَعرف بعلامة ما أنّ فعلًا ما هو مؤذٍ، ولكنه إذا
أراد ـ حقيقة ـ أن
نام کتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 426