نام کتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 427
يأتي به، فإنه
سيفعل ذلك لا محالة. أمّا الذي يستشعر الألم، فإنه سيمتنع عن الفعل لأجل خوفه من
الألم مهما كانت رغبته في أن يأتي بالفعل عظيمة، لأنّه يعلم في أعماق نفسه أنّ حفظ
نفسه أجلّ من أيّ شيء يريد أن يفعله)
وما يقال في
عالم الجسد يقال في عالم الروح، ذلك أن التنبيهات والآلام التي تعتري الإنسان
بسببها لها دور كبير في تنبيهه وتربيته وترقية روحه ليعيش عالمه الحقيقي الذي
أراده الله له، لا عالمه المزيف الذي أراده لنفسه.
وقد ذكر العقاد
في معرض إجابته على معضلة الشر هذا المعنى، فقال: (لنرجع إلى المقابلة بين هذا العالم وبين الذى يتخيله أولئك المعترضون وافيًا بالقصد أو جديرًا
بحكمة الله.. فإن كان هو أقرب إلى التصوّر فقد صدقوا وأصابوا، وإن كان العالم الذى
نحن فيه هو الأقرب إلى التصوّر فقد سقط الاعتراض.. فما العالم الذى يتخيّل
المعترضون أنّه أجدر من عالمنا هذا بحكمة الله وقصد المدبّر المريد؟)
ثم أجاب على هذا
السؤال بقوله: (هو عالم لا نقص فيه فلا نمو فيه، ولا آباء ولا أبناء، ولا تفاوت فى
السن والتهيؤ والاستعداد، ولا تقابل فى الجنس بين الذكور والإناث، بل جيل واحد
خالد على المدى لا يموت ولا يتطلّب الغذاء والدواء.. عالم لا نقصَ فيه فلا حدود
فيه، وكيف يُوجد الناس بلا حدود بين واحد منهم وأخيه؟ بل لماذا يُوجد الألوف ومئات
الألوف نسخة واحدة لا فرق فيها بين أحد وأحد، ولا محل فيها للاختلاف.. إذ كان الاختلاف يستدعي نقص صفة هنا ووجودها هناك؟.. إذن يُخلق
إنسان واحد يُحقق معنى الإنسانية كلّها ولايكون فيه نقصٌ ولا تعدد ولا تكون له
بداية ولا نهاية.. فذلك إذن إله آخر مستمتع بكل صفات
الكمال والدوام!.. عالمهم المتخيل هو عالم لا حرمان فيه. فلا ينتظر فيه الحي شيئًا
يجيء به الغد ولا يشتاق اليوم إلى مجهول.. بل ماذا نقول؟ أنقول الغد واليوم؟ ومن
أين يأتي الغد واليوم فى عالم لا تغاير فيه ولا تنوّع فى التراكيب والحركات؟ إنما يأتى
نام کتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 427