responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 431

وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾ (الحج:11)

فهذا الخاسر لا يعبد الله في الحقيقة وإنما يعبد أهواءه التي قد تتفق أحيانا مع ما يأمر به الله، فيتوهم الخلق أنه يعبد الله، فلذلك يبتلى بما يظهر حقيقته، ويكشف عن سريرته.

بعد هذا البيان القرآني الذي ليس بعده بيان، نذكر بعض ما أشار إليه العلماء في معرض ردهم على الإشكالات المرتبطة بهذا، ومنها ما عبر عنه [إيونج]، أستاذ الأخلاق في جامعة كامبردج بقوله: (وإنّها لحقيقة واقعة أنّ ثمّة خيرات لا تأتي بغير محصول الشر، فكيف تتسنّى الفضيلة مثلًا بغير المغريات والعوائق ومن ثمّ بغير الشر ولو في صورة الألم والعرقلة؟ وكيف توجد شجاعة بغير ألم أو مشقة أو خطر؟ وكيف يوجد الحب في أرفع حالاته التي نعرفها ما لم يكن هنالك داعية للعطف والإشفاق والتضحية، لا بدّ من شر نغلبه كي نحصل على فضيلة الغلبة عليه، وربّما كان هناك ضروب أخرى من الحب والفضيلة كالتي نتخيّل أنّ الكائنات العليا التي تعلو على طوق الإنسان متصفة بها ولا تنطوي على شر من الشرور، ولكنّها ـإذا صحّ تخيّلناـ نوع آخر غير حبّنا وفضيلتنا، وكلّما تعدّدت أنواع الفضائل كان ذلك أفضل وأجمل)[1]

وقال الجاحظ معبرا عن هذا المعنى: (لو كان الشرّ صرفًا هلك الخلق، أو كان الخير محضًا سقطت المحنة وتقطّعت أسباب الفكرة، ومع عدم الفكرة يكون عدم الحكمة، ومتى ذهب التخيير ذهب التمييز، ولم يكن للعالم تثبّت وتوقّف وتعلّم، ولم يكن علم، ولا يعرف باب التبيّن، ولا دفع مضرة، ولا اجتلاب منفعة، ولا صبر على مكروه ولا شكر على محبوب، ولا تفاضل في بيان، ولا تنافس في درجة، وبطلت فرحة الظّفر وعزّ الغلبة، ولم يكن على ظهرها محقّ يجد عزّ الحق، ومبطل يجد ذلّة الباطل، وموقن يجد برد اليقين، وشاكّ


[1] عباس العقاد، عقائد المفكرين، المجموعة الكاملة لمؤلفات العقاد، 11/453.

نام کتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 431
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست