نام کتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 59
فكرتنا عن الله
باعتباره كائناً كاملاً متناهياً تستلزم وجوده بالضرورة.. ففكرة الوجود متضمنة في
تعريف المثلث.. وعليه فإذا كان من التناقض أن نعتبر الزوايا الداخلية للمثلث
لاتساوي قائمتين، فمن التناقض كذلك أن نعتبر الله غير موجود، لأن الوجود متضمن في
ماهية الله على نحو ما تكون مساواة الزوايا الداخلية للمثلث لقائمتين متضمنة في
تعريف المثلث.
ويذكرنا هذا
البرهان الأخير ببرهان ذكره [ابن حزم]، وهو مهم خصوصا لمن لهم ميول رياضية، وهذا
ملخصه [1]: إن خاصة العدد هو أن يوجد عدد آخر مساو له،
وعدد آخر ليس مساوياً له، هذا لا يخلو منه عدد أصلاً.. المساواة هي أن تكون أبعاضه
كلها مساوية له إذا جزئت.. فالفرد والفرد مساويان للاثنين، والزوج والفرد ليسا
مساويين للزوج الذي هو الاثنان، والخمسة مساوية للاثنين والثلاثة، غير مساوية
للثلاثة.. وهكذا كل عدد في العالم.
فكل ما كان له
أبعاض فهو مركب كثيراً بلا شك، فهو إذن بالضرورة ليس واحداً، فالواحد ضرورة هو
الذي لا أبعاض له.
وبناء على هذا، فإن
الحس وضرورة العقل يشهدان بوجود الواحد، إذ لو لم يكن الواحد موجوداً لم يقدر على
عدد أصلاً، إذ الواحد مبدأ العدد والمعدود الذي لا يوصل الى عدد ولا معدود إلا بعد
وجوده، ولو لم يوجد الواحد لما وجد في العالم عدد ولا معدود أصلاً.
وبما أن العالم
كله أعداد ومعدودات موجودة.. فإن الواحد لابد أن يكون موجودا بالضرورة، ذلك أنه لو
نظرنا في العالم كله نظراً طبيعياً ضرورياً لم نجد فيه واحداً على الحقيقة البتة
بوجه من الوجوه، لأن كل جرم من العالم منقسم.. محتمل للتجزئة.. متكثر بالانقسام
أبداً بلا نهاية.. وكل حركة فهي أيضاً منقسمة بانقسام المتحرك بها الذي هو المدة..