اجتهاد صادق.. بل إنني شخصيا آخذ ببعضها، وأوافقهم فيها، لأني أراها من
صميم الدين، وقد رجحتها في بعض كتبي الفقهية أو العقدية..
لكن الإنكار الكبير المتوجه لهم هو تعاملهم بجفاء وسلبية مع المدارس
المختلفة للأمة، وعدم احترامهم للخلاف، وعدم احترامهم للتنوع الذي شاء الله أن
يطبع عباده عليه.. وتصورهم أن البت في الخلاف بين الخلق سيكون في الدنيا مع أن
الله أخبر أن محل ذلك في الآخرة، قال تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ
النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ
وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ
قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا
فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [البقرة: 113]
فنحن في واقعنا المشحون بداء الطائفية نردد نفس ما ردده اليهود والنصارى،
فكل فئة تزعم أنها على الحق المطلق.. ولذلك كان الحل – كما تصف الآية الكريمة - هو
أن نترك حكم ذلك لله، وفي الآخرة، أما في الدنيا فليس إلا التحاور والتعايش
والتقارب والسلام بين كل المدارس والمذاهب والطوائف والأديان.. ولا يحق لأي جهة أن
تكره الأخرى على معتقدها.
وبناء على هذا - أقول كما قلت سابقا – بأنني، ومن وحي المناهل العذبة التي
رزقني الله الشرب منها على يد أوليائه أعتذر لكل من تأذى من السلفية بهذه الكلمات،
فيعلم الله مدى محبتي لهم وحرصي عليهم.. وإني وإن شددت في بعض المحال لم يكن ذلك
إلا كشدة الطبيب مع مريضه المقصر، أو مع الجراثيم