نام کتاب : السلفية والوثنية المقدسة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 133
88]
وهذه استعارة، والوجه هنا عبارة عن ذات الشيء ونفسه، وعلى هذا قوله تعالى في
السورة التي يذكر فيها الرحمن سبحانه ﴿ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ
وَالْإِكْرَامِ﴾ [الرحمن: 27] أي: ويبقى ذات ربك، ومن الدليل على ذلك: الرفع في
قوله: ﴿
ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ [الرحمن:27]، لأنه صفة للوجه الذي هو الذات، ولو كان الوجه
هنا بمعنى العضو المخصوص على ما ظنه الجهال، لكان وجه الكلام أن يكون: ويبقى وجه
ربك ذي الجلال والإكرام، فيكون ( ذي ) صفة للجملة لا صفة للوجه الذي هو التخطيط
المخصوص كما يقول القائل: رأيت وجه الأمير ذي الطول والإنعام، ولا يقول: ذا ؛ لأن
الطول والإنعام من صفات جملته لا من صفات وجهه، ويوضح ذلك قوله في هذه السورة: ﴿
تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن: 78] لما
كان الاسم غير المسمى وصف ـ سبحانه ـ المضاف إليه، ولما كان الوجه في الآية
المتقدمة هو النفس والذات، قال تعالى: ﴿ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ولم يقل: ذي الجلال
والإكرام)[1]
ويقول: (ولو كان الكلام محمولا على ظاهره لكان فاسدا مستحيلا على قولنا
وقول المخالفين ؛ لأنه لا أحد يقول من المشبهة والمجسمة الذين يثبتون لله ـ سبحانه
ـ أبعاضا مؤلفة وأعضاء مصرفة أن وجه الله ـ تعالى ـ يبقى وسائره يبطل ويفنى، تعالى
الله عن ذلك علوا كبيرا)[2]
ومثله قال الفخر الرازي: (لو كان الوجه هو العضو المخصوص، لزم أن يفنى
جميع الجسد والبدن، وأن تفنى العين التي على الوجه، وأن لا يبقى إلا مجرد الوجه)[3]
لكن المجسمة يعتبرون القول بهذا، وخاصة من علم كبير من أعلام اللغة مثل الشريف
[1] تلخيص البيان في مجازات القرآن للشريف الرضي ( ص204 ) .
[2] تلخيص البيان في مجازات القرآن ( ص 275 ). وانظر: دفع شبه التشبيه
( ص113 ) .