وقال ابن تيمية: في رده على المنزهة الذين يؤولون هذه المعاني بحسب
أساليب اللغة العربية من الكناية والمجاز ونحوهما: (وكذلك ما ادعوا أنه مجاز في
القرآن كلفظ (المكر) و(الاستهزاء) و (السخرية) المضاف إلى الله، وزعموا أنه مسمى
باسم ما يقابله على طريق المجاز، وليس كذلك، بل مسميات هذه الأسماء إذا فعلت بمن
لا يستحق العقوبة ؛ كانت ظلماً له، وأما إذا فعلت بمن فعلها بالمجني عليه عقوبة له
بمثل فعله ؛ كانت عدلاً .. ولهذا كان الاستهزاء بهم فعلاً يستحق هذا الاسم ؛ كما
روى عن ابن عباس ؛ أنه يفتح لهم باب من الجنة وهم في النار، فيسرعون إليه، فيغلق، ثم
يفتح لهم باب آخر، فيسرعون إليه، فيغلق، فيضحك منهم المؤمنون)[2]
الملل والسآمة:
وهما صفتان يصرح أعلام السلفية بكونهما من صفات الله تعالى، فالله عندهم
يمل، ويسأم، لورود النص بهما.
وهم مع إقرارهم بكون الملل يعني الضجر إلا أنهم لا ينفونه عن الله، فقد
قالوا في تفسير قوله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم): (عليكم
بما تطيقون، فوالله ؛ لا يمل الله حتى تملوا)[3]، وفي رواية لمسلم: (فوالله
؛ لا يسأم الله حتى تسأموا) ـ بلسان الشيخ محمد بن إبراهيم ـ: (فإنَّ الله لا يَمَلُّ
حتى تملُّوا): من نصوص الصفات، وهذا على وجه يليق بالباري، لا نقص فيه ؛ كنصوص
الاستهزاء والخداع فيما يتبادر)[4]