نام کتاب : السلفية والنبوة المدنسة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 137
وهذه الرحمة
التي جعلها الله في قلب النبي لا تقتصر فقط على أصحابه والمقربين منه، بل تتعداه
إلى أعدائه الذين يشفق عليهم ويحرص على هدايتهم، كما قال تعالى ذاكرا حزن رسوله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) الشديد على إعراض قومه: ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ
نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء: 3]
وقد حكى
القرآن الكريم قصة إبراهيم (ع)، وهو يجادل عن قوم لوط، مع عتوهم وطغيانهم،
فقال: ﴿ فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ
الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ (74) إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ
أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (75) يَاإِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ
أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ (76)﴾ [هود:
74 - 76]
[1] ذكرنا هنا [قريبه] بدل أباه، كما يدل عليه ظاهر القرآن الكريم لأن الله
تعالى أخبر أن إبراهيم عليه السلام تبرأ من استغفاره لهذا القريب الذي ذكر
المفسرون أنه عمه، قال تعالى: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ
إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ
عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ }
[التوبة: 114]، وفي نفس الوقت نرى القرآن الكريم يذكر عن إبراهيم عليه السلام وفي
مرحلة متقدمة من عمره ـ أي بعد بنائه البيت ـ يستغفر لوالده، قال تعالى: {
رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ
الْحِسَابُ} [إبراهيم: 41]، وهذا يدل دلالة واضحة وقطعية على أن الأب المذكور في
سورة مريم والتوبة ليس والدا لإبراهيم عليه السلام.. وذلك أن الأب في اللغة يطلق
على الأب الحقيقي والعم، بخلاف الوالد الذي لا يطلق إلا على الأب الحقيقي، ومن
أمثلة ذلك قوله تعالى: { أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ
إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ
وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا
وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } [البقرة: 133]، فقد اعتبر أولاد يعقوب إسماعيل أبا له
مع كونه كان عما ولم يكن أبا حقيقيا.
نام کتاب : السلفية والنبوة المدنسة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 137