بل إن القرآن
الكريم لا يقصر هذا المنهج على القصص، بل يعممه في كل شيء، فلا يصح أن نتعلم أي
علم من غير مصادره الصحيحة الموثوقة، كما قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا
لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ
أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 36]
لأن كل علم
لا يستند إلى مصدر صحيح موثوق هو دجل وكذب وضلالة، قال تعالى: ﴿ وَمَا
لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا
يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا﴾ [النجم: 28]، وقال: ﴿مَا لَهُمْ
بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ
أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا ﴾ [الكهف: 5]
لكن السلفية
غفلوا عن كل هذه الآيات الكريمة، وتصورا أن الأمر سهل، فليس في تلك الروايات سوى
المزيد من التفاصيل التي تتوق لها نفوس الناس، ونسوا أن الأمر مرتبط بالقرآن
الكريم الذي هو رسالة الله إلى عباده ليتدبروه، ويعيشوا معانيه.. فإذا ما اختلطت
تلك المعاني بالتحريفات الإسرائيلية، فسيصبح القرآن الكريم حينها متنا، وتصبح تلك
التحريفات شرحا له.. والناس لا يفهمون المتن إلا بشرحه، وقد يقتصرون على الشرح، ويغفلون
عن المتن.
والخطر
الأكبر الذي جره السلفية وسلفهم إلى القصص القرآني هو تلك التفاصيل الكثيرة التي
لا مبرر للبحث فيها، بل قد نهينا عن البحث عنها.
فقد نهانا
الله تعالى عن البحث عن التفاصيل التي لا نحتاج إليها، حتى لو وردتنا من مصادر
موثوقة، لأن المهم هو العبرة، وليس تفاصيل الأحداث، كما قال تعالى عند ذكره لفتية
أهل الكهف، والاختلاف في عددهم: ﴿ سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ
كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ
وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي
نام کتاب : السلفية والنبوة المدنسة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 184