نام کتاب : السلفية والنبوة المدنسة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 79
المجرية والحكومة العادلة، وأمّا لو أغفلت
القوّة المجرية، أو فسقت فأهملت، أو خفي الجرم عن نظرها، أو خرج من سلطانها فلا
تأثير حينئذ لشيء من هذه القوانين) [1]
وبعد أن نفى
كل ما يمكن أن يكون حاجزا ليوسف (ع) عن الوقوع في هذه الخطيئة، ذكر سر العصمة
الحقيقي، فقال: (.. فلم يكن عند يوسف ما يدفع به عن نفسه ويظهر به على هذه الأسباب
القوية التي كانت لها عليه، إلاّ أصل التوحيد وهو الإيمان بالله، وإن شئت قلت:
المحبة الإلهية التي ملأت وجوده وشغلت قلبه، فلم تترك لغيرها محلاً ولا موضع أصبع)[2]
لكن السلفيين
ـ الذين بدعوا القائلين بالعصمة المطلقة ـ لم ينظروا إلى جميع هذه المعاني
السامية، وكعادتهم بالتعلق بالمتشابه، وتفسيره على حساب المحكم، ركنوا إلى قوله
تعالى: ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ﴾
[يوسف: 24]، فراحوا يستغلونها أقبح استغلال في تشويه صورة هذا النبي الكريم.
فقد فسروها ـ
كما فسروا اليد والساق والرجل بالنسبة لله تعالى ـ فجعلوا همها وهمه واحدا.. أي
أنه همّ بالمخالطة، وأنّ همّه بها كان كهمّها به، ولولا أنه رأى برهان ربّه لفعل،
وقد صانته عن ارتكاب الجريمة ـ بعد الهمّ بها ـ رؤية البرهان.
مع أنه كان
يمكنهم أن يفسروها على مقتضى اللغة وعلى مقتضى عصمة الأنبياء بسهولة ويسر.. ولذلك
وجوه كثيرة، وبجميعها نطق العرب.
وأبسطها أن
يقدروها (لولا أن رأى برهان ربّه لهمّ بها)، لأن ذلك يدل على عدم تحقّق الهم منه
لمّا رأى برهان ربّه.
و(برهان ربه)
كما فسره القرآن الكريم هو تلك الحجج اليقينية التي تجلّي الحق