responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : السلفية والنبوة المدنسة نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 78

فتاة فائقة الجمال كما هو الحال في حرم الملوك والعظماء، وكانت لا محالة متزيّنة لما يأخذ بمجامع كل قلب، وهي عزيزة مصر ـ ومع ذلك ـ عاشقة له والهة تتوق نفسها إليه، وكانت لها سوابق الإكرام والإحسان والإنعام ليوسف، وذلك كلّه ممّا يقطع اللسان ويصمت الإنسان وقد تعرّضت له، ودعته إلى نفسها، والصبر مع التعرّض أصعب، وقد راودته هذه الفتّانة وأتت بما في مقدرتها من الغنج والدلال، وقد ألّـحت عليه فجذبته إلى نفسها حتى قدّت قميصه، والصبر معه أصعب وأشق، وكانت عزيزة لا يرد أمرها ولا يثنى رأيها، وهي رتبة خصّها بها العزيز، وكان في قصر زاهٍ من قصور الملوك ذي المناظر الرائعة التي تبهر العيون وتدعو إلى كل عيش هنيء.. وكانا في خلوة، وقد غلّقت الأبواب وأرخت الستور، وكان لا يأمن من الشر مع الامتناع، وكان في أمن من ظهور الأمر وانتهاك الستر ؛ لأنّها كانت عزيزة، بيدها أسباب الستر والتعمية، ولم تكن هذه المخالطة فائتة لمرة بل كانت مفتاحاً لعيش هنيء طويل، وكان يمكن ليوسف أن يجعل هذه المخالطة والمعاشقة وسيلة يتوسّل بها إلى كثير من آمال الحياة وأمانيها كالملك والعزّة والمال. فهذه أسباب وأُمور هائلة لو توجّهت إلى جبل لهدّته، أو أقبلت على صخرة صمّـاء لأذابتها، ولم يكن هناك ممّا يتوهّم مانعاً إلاّ الخوف من ظهور الأمر، أو مناعة نسب يوسف، أو قبح الخيانة للعزيز، ولكن الكل غير صالح لمنع يوسف عن ارتكاب العمل.أمّا الخوف من ظهور الأمر فقد كان في أَمن منه، ولو كان بدا من ذلك شيء لكان في وسع العزيزة أن تأوّله تأويلاً كما فعلت فيما ظهر من أمر مراودتها، فكادت حتى أرضت نفس العزيز إرضاءً، فلم يؤاخذها بشيء، وقلبت العقوبة على يوسف حتى سجن. وأمّا مناعة النسب فلو كانت مانعة لمنعت إخوة يوسف عمّـا هو أعظم من الزنا وأشد إثماً.. وأمّا قبح الخيانة وحرمتها فهو من القوانين الاجتماعية، وهي إنّما تؤثّر بما تستتبعه من التبعة على تقدير المخالفة ؛ وذلك إنّما يتم فيما إذا كان الإنسان تحت سلطة القوّة

نام کتاب : السلفية والنبوة المدنسة نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 78
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست