نام کتاب : السلفية والنبوة المدنسة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 96
لَقَدْ ظَلَمَكَ﴾ هذا لا يصح في حقه، وأما قوله
للخصم ﴿ لَقَدْ
ظَلَمَكَ﴾، فعنى به
بخسك وغبنك في قول كان غيره من المباحات أولى بك منه، وحد الظلم في اللسان وضع
الشيء في غير موضعه، وقد قدمنا أن قول قائل لغيره أكفلني زوجك ليس بظلم منهي عنه
شرعا، فلم يبق إلا ما ذكرناه في حقه)[1]
أما الرابعة،
وهي ﴿لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾، فقد احتال لها لأموي بقوله: (.. فيخرج البغي مخرج الظلم حرفا
بحرف فإنه إذا ساغ في اللسان والمعتاد أن يسمى مالك الكثير إذا طلب من المقل قليله
ظالما، فلا غرو أن يسمى باغيا، ولو أن رجلا كان له عبدان مطيعان له مستقيمان غاية
ما يمكنهما من وجوه الاستقامة، فأحسن إلى أحدهما وأعطاه ووسع عليه ورفه معيشته،
ولم يحسن للآخر بعين ما ألزمه الله مما يتعين للعبيد على السادة، لسمى العقلاء هذا
السيد ظالما باغيا من حيث إنه أحسن لأحدهما ولم يحسن مع الآخر مع تساويهما في
الطاعة والنصيحة، والسيد مع هذا التخصيص بالإحسان لأحدهما لم يأت في الشرع بمحظور
ولا بمكروه، بل كل ما فعل معهما مباح له فهذا وجه من وجوه التخلص من هذه الأقوال،
وأنها مباحة لقائلها وفاعل ما وقع منها من غير أن يلحقه ذم من الشرع ولا ثلب)[2]
وهكذا استطاع
الأموي أن يستخرج من القصة هذه الفائدة العملية البديعة، وهي تشريع الجور ما دام
الجائر يتصرف في ملكه..
أما الخامسة
والأخير، فهي ﴿وَقَلِيلٌ
مَا هُمْ﴾، وقد احتال لها بقوله: (فمقصوده الأكابر الأفراد من المحسنين المؤثرين فإنهم
يحسنون في المباحات كإحسانهم في المشروعات فيتعاونون في العشرة ويتناصفون في
الخلطة كما قال تعالى ﴿ وَيُؤْثِرُونَ