نام کتاب : السلفية والنبوة المدنسة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 95
الصحابة
والتابعين لهم بإحسان فلا يتصور ذلك في حقهم إذا منعوا المباحات، وإذا لم يتصور
ذلك في حقهم مع عدم العصمة فما ظنك بالمعصومين المنزهين عن الخطايا تنزيه الوجوب
كما تقدم، فبطل اعتراض هذه القولة في حق داوود (ع) في هذا الباب)[1]
وهكذا استطاع
الأموي، وبهذه التبريرات الغريبة التي لا يقبلها إلا عقل سلفي أن يدافع عن عدالة رجل
يملك تسعة وتسعين امرأة، ومع ذلك راح يطلب من صديقه وأخيه امرأته الوحيدة ليضمها
إلى ما عنده من نساء، ثم يطلب من ذلك الرجل أن يصفي قلبه له باعتباره نبيا، بل
يطلب منه فوق ذلك أن يصفه بالعدل، ويتنازل له باللين بدل العنف.. لأنه لا يستقيم
معه العنف.
أما الثالثة،
وهي ﴿ لَقَدْ ظَلَمَكَ ﴾، فقد احتال لها لأموي بذكره ـ أولا ـ لاعتراض بشأنها نص عليه بقوله: (كيف يكون داوود (ع) من خلف الله في أرضه ويقطع على الظلم بقول الواحد قبل أن يسمع قول الآخر؟)[2]
ثم أجاب على
هذا الاعتراض بقوله: (فالجواب عن هذا يتصور من وجهين: أحدهما أنه سمع من الآخر حجة
لا تخلصه، فقال للأول ﴿
لَقَدْ ظَلَمَكَ﴾، أو
صدقه الآخر في قوله فقال للأول ﴿ لَقَدْ ظَلَمَكَ﴾،
والثاني أن يقول ﴿
لَقَدْ ظَلَمَكَ﴾بإضمار
إن كان حقا ما تقول، وهذا سائغ، وأما أن يقول له ﴿ لَقَدْ ظَلَمَكَ﴾ من غير أن يسمع حجة الآخر فهذا لا نسوغه في
حق عاقل منصف فكيف في حق من آتاه الله الحكمة وفصل الخطاب.. ألا ترى موقف يعقوب (ع) لما جاءه بنوه عشيا يبكون وهم جماعة فقالوا ما قالوا
فقال: ﴿بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا ﴾ [يوسف: 18] ولم
يقبل أقوالهم ولا دموعهم بغير دليل، فكيف يقبل داوود (ع) قول الخصم من غير حجة حتى يقول له ﴿