نام کتاب : السلفية والنبوة المدنسة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 94
بع مني أمتك
إن شئت، وهذا قول مباح، ليس بمحظور في الشرع، ولا مكروه، ومن ادعى حظره أو كراهته
في الشرع فعليه الدليل، ولا دليل له عليه، كيف وقد جاء في الصحيح
أن النبي a لما واخى بين سعد بن الربيع وبين عبد الرحمن بن عوف
قال له الأنصاري: لي كذا وكذا من المال أشاطرك فيه، ولي زوجان أنزل لك عن إحداهما،
فقال له عبد الرحمن: بارك الله لك في أهلك ومالك، أرني طريق السوق، ووجه الاستدلال
بهذا الحديث قوله بين يدي النبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) أنزل لك عن إحداهما فأقره النبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) على
هذا القول، ولم ينكره عليه، وهو لا يقر على منكر، وهو المعلم الأكبر (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) فلم
يبق إلا الإباحة، لكن تركها بمعنى الأولى والأحرى في كمال منصب النبوة كان أولى
وأتم)[1]
وهكذا استطاع
الأموي أن يستخرج من القصة هذه السنة، وهي أن يذهب أي رجل من الناس لأخيه أو
صديقه، ويطلب منه أن يتنازل له عن زوجته، ليتزوجها.. لأنه لا حرج في ذلك..
والرواية السلفية تدل عليه.
أما الثانية،
وهي ﴿وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ﴾، فقد بررها بقوله: (أي غلبني، فنزلت له عنها، فهو غلب الحشمة،
لا غلب القهر، لعظم منزلة السائل في قلب المسؤول، ولا غلب الحس بالقهر المنهي عنه،
فإنه ظلم منهي عنه شرعا تتحاشى عنه الأنبياء عليهم السلام كما تقدم، فإن قيل: كان
داوود (ع) خليفة وصاحب سيف، والمطلوب منه رعية، ومن
شأن الرعية هيبة الملوك والمبادرة لقضاء حوائجهم لكونهم قاهرين لهم فيقضون حوائجهم
باللين خوفا من العنف والإكراه، وفي سؤال داوود (ع) حمل على المسؤول من هذا الباب، قلنا: صحيح ما اعترضت به إلا أن هذا
الحمل على المسؤول لا يتصور إلا فيمن عهد منه الظلم والغصب من الأمراء، وأما من
عهدناه العدل والإحسان كخلفاء