نام کتاب : هکذا يفکر العقل السلفي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 116
وهذا كله غير
صحيح .. ذلك أن المنهج الذي اعتمده أهل الحديث في الرواية كان سببا لكل ما حصل في
الأمة من الفتن.. فلو أنهم تعاملوا مع الحديث ـ كما تعاملت الأمة مع القرآن الكريم
ـ فلم يرفعوا لرسول الله k إلا ما استوثقوا من
صحته، وتأكدوا منه تأكدا تاما ما حصل ما حصل.
لكن بسبب
اشتغالهم بالحشو والكثرة، صاروا يجمعون كل شيء، ثم يدونونه في كتبهم ومعه الأسانيد
التي وصلوا بها إليه.. ثم ينشرونه في الأمة بعد ذلك.. غير مدركين الآثار الخطيرة
التي قد يتركها حديث مكذوب واحد.
وقد أشار ابن
قتيبة في كتابه ( تأويل مختلف الحديث) إلى هذا المعنى، فقال: (.. كتبت إليَّ
تُعْلمني ما وقفت عليه من ثلب أهل الكلام أهل الحديث وامتهانهم وإسهابهم في الكتب
بذمهم ورميهم بحمل الكذب ورواية المتناقض حتى وقع الاختلاف وكثرت النحل وتقطعت
العصم وتعادى المسلمون وأكفر بعضهم بعضا وتعلق كل فريق منهم لمذهبه بجنس من الحديث)[1]
وقال: (وقد
يعيبهم الطاعنون بحملهم الضعيف وطلبهم الغرائب، وفي الغريب الداء. ولم يحملوا
الضعيف والغريب لأنهم رأوهما حقا، بل جمعوا الغث والسمين والصحيح والسقيم ليميزوا
بينهما ويدلوا عليهما وقد فعلوا ذلك)[2]
لكن السلفية
عندما ترد عليهم أمثال هذه التساؤلات نجدهم ـ بعد فرارهم منها بالطعن في صاحب
التساؤل ـ يذكرون أن أسلافهم وضعوا علوما كثيرة، كعلم الرجال، والجرح والتعديل،
والعلل وغيرها كثير.. وأنهم بواسطها استطاعوا أن يميزوا بين الضعيف
والصحيح..والمقبول والمرفوض.