نام کتاب : هکذا يفکر العقل السلفي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 149
وما ذكره
الفلاسفة وعلماء النفس القدامى يوافق تماما ما ذكره القرآن الكريم عن أسلاف
السلفية من اليهود، فقد ذكر تغليبهم للقوة الوهمية الحسية على قواهم العقلية
التجريدية، ولذلك راحوا كل حين يطلبون إلها حسيا يرضي وهمهم وخيالهم ومداركة
الحسية، كما قال تعالى عنهم: ﴿ يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ
تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ
مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ
بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ
الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا﴾
[النساء: 153]
فهذه الآية
الكريمة تختصر مطالب العقل الوهمي الذي لا يؤمن إلا بالمحسوس الملموس، ولهذا سأل
هؤلاء رسول الله k أن ينزل عليهم
كتابا حسيا يرونه لا مجرد كلمات يرددها، وقد ذكرهم الله تعالى بأن هذا ليس غريبا
عنهم، فقد سأل أجدادهم موسى عليه السلام أن يريهم الله جهرة، فلما لم يفعل اتخذوا
العجل ليكون بديلا عن إلههم الذي لم يروه.
وهذا نفس ما
حصل في هذه الأمة بسبب تتلمذ العقل السلفي على العقل اليهودي، حيث أن هؤلاء رغبوا
عن التنزيه القرآني المتعلق بالله، والذي يغلب عليه التنزيه والتعظيم والتسليم
لله، وإدراك أن الله أعظم من أن يدرك أو يحاط به، وأن العجز عن المعرفة هو المعرفة
نفسها.. لأن المطلق لا يمكن تحديده، والكامل لا يمكن توصيفه.
لكن هؤلاء
رغبوا عن ذلك، وراحوا يتعلقون بما تمليه عليهم قواهم الوهمية الحسية، بل وصل بهم
الأمر إلى إنكار وجود ما لم يخضع لقواهم الوهمية، فصاروا بذلك مثل فرعون الذي قال:
﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ
إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا
لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ
نام کتاب : هکذا يفکر العقل السلفي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 149