نام کتاب : هکذا يفکر العقل السلفي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 169
إلى الوجود
كان إليه أقرب وكلما كان أقرب إلى المعدوم فهو عنه أبعد)[1]
وبذلك فإن
ابن تيمية يقع في التشبيه المحض، لأنه يتصور أن الكمال في احتياج الذات إلى حيز
ومقدار وأعضاء وغير ذلك مع أن الكمال الحقيقي لا يقتضي ذلك..
وقد أشار
الغزالي إلى هذه الأوهام التي ينطلق منها العقل السلفي، فقال ـ عند حديثه عن
التفكر في الله ـ : (.. وكذلك النظر إلى ذات الله تعالى يورث الحيرة والدهش
واضطراب العقل، فالصواب إذن أن لا يتعرض لمجاري الفكر في ذات الله سبحانه وصفاته،
فإن أكثر العقول لا تحتمله بل القدر اليسير الذي صرح به بعض العلماء وهو أن الله
تعالى مقدس عن المكان ومنزه عن الأقطار والجهات، وأنه ليس داخل العالم ولا خارجه،
ولا هو متصل بالعالم ولا هو منفصل عنه، قد حير عقول أقوام حتى أنكروه إذ لم يطيقوا
سماعه ومعرفته، بل ضعفت طائفة عن احتمال أقل من هذا إذ قيل لهم إنه يتعاظم ويتعالى
عن أن يكون له رأس ورجل ويد وعين وعضو وأن يكون جسما مشخصا له مقدار وحجم، فأنكروا
هذا وظنوا أن ذلك قدح في عظمة الله وجلاله حتى قال بعض الحمقى من العوام إن هذا
وصف بطيخ هندي لا وصف الإله، لظن المسكين أن الجلالة والعظمة في هذه الأعضاء، وهذا
لأن الإنسان لا يعرف إلا نفسه فلا يستعظم إلا نفسه فكل ما لا يساويه في صفاته فلا
يفهم العظمة فيه نعم غايته أن يقدر نفسه جميل الصورة جالسا على سريره وبين يديه
غلمان يمتثلون أمره فلا جرم غايته أن يقدر ذلك في حق الله تعالى وتقدس حتى يفهم
العظمة)[2]
ثم ضرب مثالا
بليغا هو أبلغ رد على من يعتبر قياس الأولى في هذا، فقال: (بل لو كان للذباب عقل،
وقيل له ليس لخالقك جناحان ولا يد ولا رجل ولا له طيران لأنكر