نام کتاب : التراث السلفي تحت المجهر نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 264
أتهم)، وإذا ما شك في صحة الرواية عبر عن ذلك بقوله: (فيما يذكرون) أو (فيما يزعمون).. كما أنه يجمع الروايات أحياناً مع بعضها دون تمييز
لها، ويقدم لها بذكر الأسانيد مجموعة، ويسوق ملخصها.
هذا استعراض
مختصر لأهم مصادر السيرة النبوية،
والتي يبدوا فيها التساهل
والنبرة الطائفية واضحة لا يمكن سترها، ذلك أن الأمويين
الذين كانوا يسيطرون في ذلك الحين على الأمة، حاولوا
أن يضعوا التاريخ، وخصوصا أحداث السيرة منه بما يتناسب مع
أمزجتهم، فلهذا عزلوا عن الكتابة تلاميذ الصحابة السابقين
الذين أحسنوا الصحبة، واستبدلوهم بالطلقاء ومن رضي عنهم الطلقاء.
وقد أشار أكرم
ضياء العمري إلى ذلك التساهل في الرواية، فقال: (أما اشتراط الصحة الحديثية في قبول الأخبار
التاريخية التي لا تمس العقيدة والشريعة ففيه تعسُّف كثيرٌ، والخطر الناجم عنه كبير؛ لأن
الروايات التاريخية التي دوَّنها أسلافنا المؤرخون لم تُعامَل معاملة الأحاديث، بل تمَّ التساهل فيها، وإذا
رفضنا منهجهم فإن الحلقات الفارغة في تاريخنا ستمثِّل هوَّة سحيقة بيننا وبين
ماضينا، مما يولد الحيرة والضياع والتمزق
والانقطاع... لكن ذلك لا يعني التخلي عن منهج المحدثين
في نقد أسانيد الروايات التاريخية؛ فهي وسيلتنا إلى
الترجيح بين الروايات المتعارضة،
كما أنها خير مُعين في قبول
أو رفض بعض المتون المضطربة أو الشاذة عن الإطار العام لتاريخ أمتنا، ولكن الإفادة منها ينبغي أن تتم بمرونة، آخذين بعين الاعتبار أن الأحاديث غير الروايات
التاريخية، وأن الأُولى نالت من العناية ما يمكِّنها
من الصمود أمام قواعد النقد الصارمة)[1]