نام کتاب : التراث السلفي تحت المجهر نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 363
يتجلى موقف
المتقدمين من السلفية من العلوم الكونية من خلال موقفهم من الفلسفة، أو ما يسمونه علوم الأوائل، أو
العلوم المترجمة من الأمم الأخرى،
وخاصة من اليونانية، لأنهم تصوروا أن ترجمة تلك الكتب بما فيها من خير وشر، وحق وباطل كان وبالا على المسلمين، لأن على المسلمين ـ كما يتصور السلفية ـ حتى يظلوا
على هدي سلفهم الصالح أن ينغلقوا انغلاقا تاما عن كل الأمم والحضارات، لا يستفيدون منها، ولا
يكتسبون من خبراتها، فإن احتاجوا إلى الطب لجأوا إلى أطباء
اليهود والنصارى يداوونهم.. أما علم الفلك فلا يحتاجونه لأن سلفهم قد
أعطاهم خارطة كاملة للكون من عرشه إلى فرشه، وهم
لا يحتاجون معها إلى أي تفاصيل..
وهكذا في سائر العلوم.
وبناء على
هذا اعتبروا من أسباب التجريح والطرد والحرمان من الانتساب للسنة وسلف الأمة
الاشتغال بتعلم علوم الأوائل،
كما قال ياقوت الحموي في
ترجمة بعضهم ذاما له بسبب اشتغاله بالفلسفة وما ارتبط بها من علوم كونية: (وليس
ذلك إلا لإعراضه عن نور الشريعة واشتغاله بظلمات الفلسفة، وقد
كان بيننا محاورات ومفاوضات فكان يبالغ في نصرة مذاهب الفلاسفة والذبّ عنهم، وقد حضرت عدة مجالس من وعظه فلم يكن فيها لفظ قال
الله، ولا قال رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) ولا جواب عن المسائل الشرعية، والله أعلم بحاله)[1]
وقال الذهبي
منتقدا الغزالي بسبب موقفه المسالم للمباحث العلمية التي وردت في كتب الفلاسفة: (ألف الرجل في ذم الفلاسفة كتاب (التهافت)، وكشف عوارهم، ووافقهم
في مواضع ظنا منه أن ذلك حق،
أو موافق للملة، ولم يكن له علم بالآثار ولا خبرة بالسنن النبوية
القاضية على العقل، وحبب إليه إدمان النظر في كتاب (رسائل
إخوان