نام کتاب : شيخ الإسلام في قفص الاتهام نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 179
عنه اشتغاله
بنفسه ومعاصيه التي اكتسبها، والذي يتجلى من كلامه سبحانه إن هذا العلم المسمى
بالرؤية واللقاء يتم للصالحين من عباد الله يوم القيامة، فهناك مواطن التشرف بهذا
التشريف، وأما في هذه الدنيا والإنسان مشتغل ببدنه ومنغمر في غمرات حوائجه
الطبيعية وهو سالك لطريق اللقاء فهو بعد في طريق هذا العلم لم يتم له حتى يلقى ربه،
قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ
كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ ﴾ [الانشقاق: 6]، فهذا هو العلم الضروري الخاص الذي أثبته
الله تعالى لنفسه وسماه رؤية ولقاء، ولا يهمنا البحث عن أنها على نحو الحقيقة أو
المجاز، والقرآن أول كاشف عن هذه الحقيقة على هذا الوجه البديع، فالكتب السماوية
السابقة على ما بأيدينا ساكتة عن إثبات هذا النوع من العلم بالله وتخلو عن الأبحاث
المأثورة عن الفلاسفة الباحثين عن هذه المسائل، فإن العلم الحضوري عندهم كان
منحصرا في علم الشئ بنفسه حتى يكشف عنه في الإسلام، فللقرآن المنة في تنقيح
المعارف الإلهية)[1]
وهكذا نجد أن
ما ورد عن أئمتنا في نفي الرؤية هو نفي الرؤية الحسية، أما الرؤية القلبية، فلا
أحد منهم يخالف في إمكانها.
فنحن نروي أن ذعلب اليماني سأل أمير المؤمنين عليه
السلام، فقال: هل رأيت ربّك يا أمير المؤمنين؟ فقال: أفأعبد ما لا أرى؟! قال: وكيف
تراه؟ فقال: لا تدركه العيون بمشاهدة العيان، ولكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان)[2]
وأخرج الصدوق
عن محمد بن الفضيل قال: سألت أبا الحسن ع: هل رأى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم ربه
عز وجل، فقال: رآه بقلبه، أما سمعت الله عز وجل يقول: ﴿مَا كَذَبَ
الْفُؤَادُ مَا رَأَى ﴾ [النجم: 11]، أي لم يره بالبصر، ولكن رآه بالفؤاد.