هي تلك المرأة، وكأن رسول الله a غفل أو نسي أن يذكر عائشة، فذكر بدلها
خديجة.
وسأورد هنا ما ذكره ابن تيمية عند بيانه
لتفضيل عائشة على خديجة مع أدلته على ذلك، ثم نناقشها، فقد قال في (منهاج السنة
النبوية)، وهو من أهم الكتب المؤسسة للسنة المذهبية: (والجواب أولا أن يقال إن أهل
السنة ليسوا مجمعين على أن عائشة أفضل نسائه، بل قد ذهب إلى ذلك كثير من أهل
السنة، واحتجوا بما في الصحيحين عن أبي موسى وعن أنس أن النبي aقال: (فضل عائشة على النساء كفضل الثريد
على سائر الطعام)، والثريد هو أفضل الأطعمة لأنه خبز ولحم.. وذلك أن البر أفضل
الأقوات، واللحم أفضل الإدام.. فإذا كان اللحم سيد الإدام، والبر سيد الأقوات،
ومجموعهما الثريد، كان الثريد أفضل الطعام. وقد صح من غير وجه عن الصادق المصدوق
أنه قال: (فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام)[1]
وقد تبعه على هذا الاستدلال العجيب الشيخ
العثيمين الذي قال في شرحه على الواسطية: (قوله: (والتي قال فيها النبي a: (فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على
سائر الطعام) قوله: (على النساء): أي: على جميع النساء.. وقيل: إن المراد: فضل
عائشة على النساء، أي من أزواجه اللاتي على قيد الحياة، فلا تدخل في ذلك خديجة..
لكن ظاهر الحديث العموم، لأن الرسول a قال: (كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة
فرعون، ومريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على
سائر الطعام)، وقد أخرجه الشيخان بدون ذكر خديجة. وهذا يدل على أنها أفضل النساء
مطلقاً، ولكن ليست أفضل من فاطمة باعتبار النسب؛ لأن فاطمة بلا شك أشرف من عائشة
نسباً، وأما المنزلة، فإن عائشة لها من الفضائل العظيمة