طلب مني بعض
المحترمين أن أكتب نقدا لما يمارسه الشيعة من مراسم وطقوس في عاشوراء وما قبلها
وما بعدها، وجوابا له أقول: إن الموقف السليم في هذه المسألة هو أن تحلل تلك
الممارسات من جهة دوافعها وأهدافها وأساليبها، وبعد ذلك يمكن أن نجد ما يصح أن
ننتقده وننكر عليه ونقف ضده، ويمكن أن نجد ما يصح السكوت عنه أو حتى الإشادة به،
لأن الانطلاق من النقد لأجل النقد خلاف للمنهج القرآني الذي يدعونا للاعتدال وعدم
غمط الناس حقوقهم في نفس الوقت الذي يدعونا إلى النهي عن المنكر وانتقاده والتحذير
منه.
أما الدوافع
التي يذكرها الشيعة لتلك الممارسات فهي إحياء ما حصل يوم عاشوراء من المجزرة
الرهيبة التي استشهد فيها الإمام الحسين والكثير من أهل بيته، والحادثة لا شك ـ
عند المنصفين جميعا من المسلمين وغير المسلمين ـ حادثة خطيرة، ومأساة عظيمة، لا
لأنها تتعلق فقط بسبط رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) وريحانته وسيد شباب أهل الجنة، وإنما لأن
ما حصل فيها نذير شؤم بأن الأمة انحرفت انحرافا كبيرا عن هدي نبيها، فلم تراعه حتى
في سبطه وريحانته ومن تعتقد أنه سيد شباب أهل الجنة.
وهذا الدافع
دافع شرعي لا حرج فيه، بل يمكن الإشادة به، فذلك اليوم من أيام الله، والله تعالى
أمرنا أن نذكر بأيام الله.. ومثله يوجد لدى الطرق الصوفية في المدرسة السنية حيث
نجدهم يحيون مولد السيد البدوي وعبد القادر الجيلاني ومحمد بهاء الدين شاه نقشبند
وغيرهم، ويقيمون لأجل ذلك المراسم المختلفة التي يحضر فيها خواص الناس وعوامهم،
وكما لا يصح الإنكار على أولئك لا يصح الإنكار على الشيعة في هذا، فليس الحسين
بأقل شأنا ممن نرى إحياء موالدهم كل حين.